صبر
على طاعة الله: بأنْ يؤدِّي الإنسان ما أوجب الله عليه مِنَ
الواجبات، ويتقرَّب إليه بالنوافل. وهذا لا شكَّ أنَّه شاقٌّ على النفوس؛ لأن
النُّفوس تريد الرَّاحة وتريد الشَّهوات والعمل شاقٌّ عليها، فلا بدَّ أن يصبرَ
المؤمن على مشقَّة الطَّاعات، لا شكَّ أنَّ المحافظة على الصَّلواتِ الخمسِ، ولا
شكَّ أنَّ قيام اللَّيل، ولا شكَّ أن صيام رمضان وصيام التَّطوُّع، ولا شكَّ أنَّ
إنفاق الأموال في طاعة الله، ولا شكَّ أنَّ الجهاد في سبيل الله؛ لا شكَّ أنَّ هذه
أمورٌ شاقَّة على النُّفوس، فيحتاج المؤمن إلى صبرٍ حتَّى يقومَ بها، والَّذي ليس
عنده صبر لا يستمرُّ في الطَّاعة، بل يترك الطَّاعة ولا يصبر على مشقَّتها، إنما
يصبر على ذلك أهل الإيمان.
وكذلك
الصَّبر عن محارم الله، لا شكَّ أنَّ النُّفوس تميل إلى
الشَّهوات ولو كانت محرَّمة؛ كشرب الخمر والزِّنا والسَّرقة والاعتداء على الناس
في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. هذه محارم وكثيرٌ مِنَ النفوس تشتهي هذه المحارم.
فالمؤمن يصبر عن كفِّ نفسه عنها، وإلا فإنها تجمح به حتى يقع في هذه المحرماتِ،
فإذا لم يكن عند العبدِ صبرٌ يمسك به زمام نفسه؛ فإنها تريد هذه الشهوات بلذَّتها
العاجلة ولا تفكر في عاقبتها، إنما النفوس تنظر إلى اللذة العاجلة ولا تفكر في
العقوبة الآجلة. فإذا لم يكن عند الإنسان صبرٌ يمنع نفسه عن هذه المحرماتِ فإنه
سيقع فيها، لا يمنعه منها إلا الصبر وهو حبس نفسه عنها.
كذلك الأقدار والمصائب التي تجري على العبد في هذه الدنيا، هذه تحتاج إلى صبرٍ، أن يقابلَهَا الإنسانُ بالصبر ومنع نفسه مِنَ الجزع