×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

دينه وشرعه؛ لأنهما يحدَّان المسعى الذي يسعى فيه المسلم، فالصفا حدُّه مِنْ جهة البداية، والمروة حدُّ المسعى مِنْ جهة النهاية.

فهما مِنْ شعائر الله، أي: مِنَ العلامات التي جعلها الله للسعي بدايةً ونهايةً، وإذا كانا مِنْ شعائر الله فإنه يجب تعظيمهما واحترامهما، قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ [الحج: 32]، يقال: شعائر. ويقال: مشاعر. المشاعر فيها: عرفةُ ومزدلفةُ ومنًى، هذه مشاعر للحج تقام فيها مناسك الحج.

الصفا والمروةُ مشعران يقام بينهما السعي الذي هو عبادة لله سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ [البقرة: 158]، أي: مِنْ علامات دينه؛ لأن الله شرع السعي بينهما عبادةً له سبحانه وتعالى.

ثم قال سبحانه: ﴿فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ [البقرة: 158]، المراد بحج البيت: قصده لله سبحانه وتعالى، هذا هو الحج: قصد البيت - وهو الكعبة - لأداء المناسك؛ عبادةً لله سبحانه وتعالى، ﴿أَوِ ٱعۡتَمَرَ: العمرة في اللغة: الزيارةُ، والمراد بها هنا زيارةُ البيت لأداء المناسك مِنْ طوافٍ وسعي وحلقٍ أو تقصير. هذه هي العمرة؛ الزيارة، زيارة البيت لأجل أداءِ مناسك العمرة.

﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ [البقرة: 158]، الجناح: الإثم، أي: لا إثم عليه أن يطَّوَّف بهما، يعني: يسعى بين الصفا والمروة، فالسعيُ بينهما يسمى طوافًا، وإن كان المعروف أن الطواف يكون بالبيت، إلا أن السعيَ - أيضًا - بين الصفا والمروة يسمى طوافًا، بدليل هذه الآية، ﴿أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ [البقرة: 158] أي: يسعى بينهما، السعيُ بين الصفا والمروة ركنٌ مِنْ أركان الحج لا يتم الحجُّ إلا به، وكذلك هو ركنٌ مِنْ أركان العمرة، لا تتم العمرة إلا به.


الشرح