لكن
لماذا قال سبحانه: ﴿فَلَا
جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَاۚ﴾
[البقرة: 158] ؟ لماذا نفى عنه الإثم، مع أن السعيَ واجبٌ؟ السبب في هذا:
أنه كان في الجاهلية على الصفا صنمٌ يقال له: إساف، وعلى المروة صنم آخر يقال له:
نائلة. صنمان يعبدهما المشركون في هذين المكانين ويتقربون إليهما، فلما فتح الله
مكة لرسوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح أزال الأصنام التي على الكعبة، وكان حول
الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا، وكان على الصفا والمروة صنمان، وكان حول مكة اللات
والعزى ومناة - أصنام - أيضًا.
فلما
فتح اللهُ مكة لرسوله صلى الله عليه وسلم عام الفتح؛ كسَّر هذه الأصنام وأزالها،
وطهَّر البيت والمسعى، وطهَّر الأرض مِنْ هذه الأصنام، كما كسَّر أبوه إبراهيمُ في
عهده؛ لأن هذه الأصنامَ متعبدات للمشركين، والعبادة يجب أن تكون لله وحده عز وجل،
لا يُعبَد غيرُهُ، ولا يعبد معه سواه؛ لا مِنَ الأصنام ولا مِنَ الأحجار ولا من
الأشجار ولا من القبور والأضرحة ولا غيرها، العبادة حق لله عز وجل.
فيجب
على المسلمين أن يزيلوا هذه الأصنامَ وهذه الأوثانَ التي تعبد مِنْ دون الله عز
وجل، ويقاتلوا أهلها لإزالتها، ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا
تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾
[الأنفال: 39]، ما المقصود مِنَ الجهاد؟ المقصود مِنَ الجهاد إزالةُ الشرك، وجعل
العبادة لله وحدَهُ لا شريك له؛ لأن الله خلق الخلق مِنْ أجل ذلك.
قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56]، وقال: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36].