والفلك
ثقيلة في نفسها ومُحَمّلة بالناس ومُحَمّلة بالبضائع، والآن البواخر الهائلة،
الباخرة تشبه مدينة كاملة، البوارج الحربية كلها تسير في البحر، مع أن البحرَ
ماءٌ، مَنِ الذي جعل البحر يحملها؟! مَنْ هو؟! مع أن البحر ماء رقيق، وحتى لو
وقفت، ﴿وَلَهُ ٱلۡجَوَارِ ٱلۡمُنشََٔاتُ
فِي ٱلۡبَحۡرِ كَٱلۡأَعۡلَٰمِ﴾ [الرحمن: 24] يعني: كالجبال.
لو
سكنت الريح لتوقفت هذه المراكبُ على ظهر البحر كـأنها على الأرض، ما تغوص، مَنِ
الذي أمسكها؟ ومَنِ الذي يسيركم في البر والبحر، من هو؟ هل هو حَوْلُكم وقوتكم؟
أبدًا، لو شاء الله لسلط عليكم الأمواج فأغرقتكم، مَنِ الذي أمسك الأمواج وأمسك
البحر وجعله صالحًا للسير عليه، مَنْ هو؟ هو الله سبحانه وتعالى.
﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ
إِيَّاهُۖ﴾ [الإسراء: 67]، ما أحد ينجيكم مِنْ ظلماتِ البر والبحر
إلا الله سبحانه، ﴿قُلۡ مَن يُنَجِّيكُم مِّن
ظُلُمَٰتِ ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ تَدۡعُونَهُۥ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةٗ لَّئِنۡ
أَنجَىٰنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ٦٣ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنۡهَا وَمِن كُلِّ كَرۡبٖ ثُمَّ
أَنتُمۡ تُشۡرِكُونَ ٦٤﴾ [الأنعام: 63، 64].
﴿تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ﴾ [البقرة: 164]، جَعَلَها الله تحمل الناس وتحمل بضائعهم وتحمل ما يريدون وتصل بين بر وبر؛ لأن الأرض فيها بحارٌ وفيها قارات متقطعة، وبينها محيطات هائلة، مَنِ الذي يصل هذه القارة بهذه القارة؟ يصلها الفلك. هذا مِنْ مصالح العباد، ﴿تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ﴾ [البقرة: 164] مصالح الناس، لولا أن الله جعل هذه الفلك لصارت كلُّ قطعة مِنَ الأرض لا تدري عن القطعة الأخرى، وكل عالَمٍ في جزيرة لا يدرون عن الجزيرة الأخرى، فتتعطل مصالحهم، والله جعل هذه الفلك للمواصلات بين الناس، فكما جعل الله في البر