﴿يَعۡقِلُونَ﴾، أي: يفهمون، العقل المراد به
هنا: الفهم والتدبر. أما الذي لا يتدبر فهذه الآيات لا تفيده شيئًا، ينظر
إليها كنظر البهائم ما يستفيد منها شيئًا، إنما الذي يعقل هو الذي يستفيد.
﴿لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ﴾
[البقرة: 164]، يعني: يتدبرون ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، هؤلاء هم
الذين ينتفعون بهذه الآيات، ويستدلون بها على قدرة الله عز وجل، ويعرِفُون أنه لا
يستحق العبادة إلا هو سبحانه وتعالى. فهذا فيه الحثُّ على التدبر والتفكر في
مخلوقات الله عز وجل، أنت تسير وتحتك أرضٌ وفوقك سماء، وعن يمينك وشمالك نباتات
وحيوانات وجبال ووهاد، لماذا لا تتفكر، ﴿أَفَلَا
يَنظُرُونَ إِلَى ٱلۡإِبِلِ كَيۡفَ خُلِقَتۡ ١٧ وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ رُفِعَتۡ ١٨ وَإِلَى ٱلۡجِبَالِ كَيۡفَ نُصِبَتۡ ١٩ وَإِلَى ٱلۡأَرۡضِ كَيۡفَ سُطِحَتۡ ٢٠﴾
[الغاشية: 17- 20].
أما
نتفكر في هذه المخلوقاتِ الهائلة؛ لأن هذا يهدي القلب إلى الله عز وجل، ويحبب الرب
إلى عباده سبحانه وتعالى، ويدلهم على أنه لا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى.
أما إذا غفل الإنسانُ عن هذه الآياتِ؛ ﴿وَمَا
تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ﴾
[يونس: 101]، ولا حولَ ولا قوة إلا بالله.
وصلّ اللهُ وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعين.
***
الصفحة 21 / 533