إِذَا عُرِفَ هَذَا فَمِنْ خَصَائِصِ
الإِْلَهِيَّةِ السُّجُودُ، فَمَنْ سَجَدَ لِغَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَ الْمَخْلُوقَ
بِهِ.
وَمِنْهَا: التَّوَكُّلُ، فَمَنْ
تَوَكَّلَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَهُ بِهِ.
وَمِنْهَا: التَّوْبَةُ،
فَمَنْ تَابَ لِغَيْرِهِ فَقَدْ شَبَّهَهُ بِهِ.
وَمِنْهَا: الْحَلِفُ
بِاسْمِهِ تَعْظِيمًا وَإِجْلاَلاً لَهُ، فَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ فَقَدْ
شَبَّهَهُ بِهِ.
هَذَا فِي جَانِبِ
التَّشْبِيهِ.
وَأَمَّا فِي جَانِبِ
التَّشَبُّهِ بِهِ: فَمَنْ تَعَاظَمَ وَتَكَبَّرَ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى إِطْرَائِهِ
فِي الْمَدْحِ وَالتَّعْظِيمِ وَالْخُضُوعِ وَالرَّجَاءِ، وَتَعْلِيقِ الْقَلْبِ
بِهِ خَوْفًا وَرَجَاءً وَالْتِجَاءً وَاسْتِعَانَةً، فَقَدْ تَشَبَّهَ بِاللَّهِ
وَنَازَعَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَإِلَهِيَّتِهِ، وَهُوَ حَقِيقٌ بِأَنْ يُهِينَهُ
غَايَةَ الْهَوَانِ، وَيُذِلَّهُ غَايَةَ الذُّلِّ، وَيَجْعَلَهُ تَحْتَ أَقْدَامِ
خَلْقِهِ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى
الله عليه وسلم قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل : الْعَظَمَةُ إِزَارِي، وَالْكِبْرِيَاءُ
رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ» ([1]).
وَإِذَا كَانَ الْمُصَوِّرُ
الَّذِي يَصْنَعُ الصُّورَةَ بِيَدِهِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ لِتَشَبُّهِهِ بِاللَّهِ فِي مُجَرَّدِ الصُّورَةِ، فَمَا الظَّنُّ
بِالتَّشَبُّهِ بِاللَّهِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالإِْلَهِيَّةِ؟كَمَا قَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ
الْمُصَوِّرُونَ» ([2])، «يُقَالُ
لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ» ([3]).
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ عز وجل : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، فَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» ([4])، فَنَبَّهَ بِالذَّرَّةِ وَالشَّعِيرَةِ عَلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَكْبَرُ.