ويحاول التَّشبُّهَ بالله في شيءٍ لا يقدر عليه
إِلاَّ اللهُ جل وعلا ، فالخلقُ من خصائِصِ اللهِ، لا أَحَدٌ يخلقُ غيرُ اللهِ،
وهذا يحاول أَنَّه يُوجِدُ صورةً تُشْبِهُ خلقَ اللهِ عز وجل ، ولذلك قال
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «أَشَدُّ
النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُوْنَ».
فهُمْ يحاولون أَنْ
يتشبَّهوا باللهِ جل وعلا في خَلْقِه، ويتَّبعون أَنْفُسَهم في شيءٍ ليس وراءَه
طائِلٌ. والفِتْنةُ في الصُّوَرِ الآْنِ فِتْنةٌ عظيمةٌ، ومن يرى افْتِتَانَ
النَّاسِ الآْنَ بالصُّوَرِ يَعْرِفْ كَيْدَ الشَّيْطَانِ، فقَدْ زَيَّنَهَا لهم
وحَثَّهُمْ عليها، وأَصْبَحُوا يَضَعُونَ الصُّوَرَ على كلِّ شيءٍ، وأَصْبَحَ
هِمُّهُمْ التَّصْويرُ في كلِّ شيءٍ؛ لأَنَّ الشَّيْطَانَ يُؤَزِّرُهُمْ
ويَحُثُّهُمْ على هذا؛ لأَنَّه يعلم أَنَّه يُغْضِبُ اللهَ عز وجل .
وقولُه: «يُقال لهم: أَحْيَوا مَا خَلَقْتُمْ»،
يعني: ما دامَ أَنَّكَ صَوَّرْتَ هذا الجسمَ بكلِّ أَعْضائِه بَقِيَ أَنَّكَ
تَنْفُخً فيه الرُّوحَ، ولن تستطيعَ، فأَنْتَ تستطيع أَنْ تَنْحِتَ الصُّورةَ
وتُزَيِّنَها، لكنَّك لا تستطيع أَنْ تنفخَ فيها الرُّوحَ؛ لأَنَّ الرُّوحَ من أَمْرِ
الله، لا يَقْدِرُ عليها إِلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى ؛ فهو يومَ القيامة يُؤْمَرُ
بأَمْرِ تعجيزٍ وأَمْرِ تعذيبٍ بأَنْ ينفخَ فيها الرُّوحَ، تَحَدِّياً له.
وقولُه: «فلْيَخْلِقُوا ذَرَّة» وهي: صغارُ النَّمْل، «فلْيَخْلِقُوا شعيرةً» وهي: حَبَّةُ الشَّعير، فيمكن للمُصَوِّرِ أَنْ يَرْسُمَ صورةَ حَبَّةٍ، لكنَّه لا يستطيع أَنْ يَضَعَ فيها طَعْمَ الحَبَّةِ ورُوحَ الحَبَّة، وأَنَّها تَنْبِتُ وتَحْيَي، ففي العظمةِ، والكِبْرياءِ، والتَّكبُّرِ، وصنعةِ الصُّوَرِ، كلُّ هذا تَشَبُّهٌ بالخالقِ تبارك وتعالى .