×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وَكَذَلِكَ مَا قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يُعَاقِبُ عَبْدَهُ عَلَى مَا لاَ يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ، وَلاَ لَهُ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ، وَلاَ تَأْثِيرٌ لَهُ فِيهِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ نَفْسُ فِعْلِ الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ، فَيُعَاقِبُ عَبْدَهُ عَلَى فِعْلِهِ، وهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي جَبَرَ الْعَبْدَ عَلَيْهِ. وَجَبْرُهُ عَلَى الْفِعْلِ أَعْظَمُ مِنْ إِكْرَاهِ الْمَخْلُوقِ لِلْمَخْلُوقِ.

وَإِذَا كَانَ مِنَ الْمُسْتَقِرِّ فِي الْفِطَرِ وَالْعُقُولِ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَكْرَهَ عَبَدَهُ عَلَى فِعْلٍ، أَوْ أَلْجَأَهُ إِلَيْهِ ثُمَّ عَاقَبَهُ عَلَيْهِ لَكَانَ قَبِيحًا، فَأَعْدَلُ الْعَادِلِينَ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ كَيْفَ يَجْبُرُ الْعَبْدَ عَلَى فِعْلٍ لاَ يَكُونُ لِلْعَبْدِ فِيهِ صُنْعٌ وَلاَ تَأْثِيرٌ، وَلاَ هُوَ وَاقِعٌ بِإِرَادَتِهِ، بَلْ وَلاَ هُوَ فِعْلُهُ أَلْبَتَّةَ، ثُمَّ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةَ الأَْبَدِ؟ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَقَوْلُ هَؤُلاَءِ شَرٌّ مِنْ أَقْوَالِ الْمَجُوسِ. وَالطَّائِفَتَانِ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ.

وَكَذَلِكَ مَا قَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ لَمْ يَصُنْهُ عَنْ بئر وَلاَ حُشٍّ، وَلاَ مَكَانٍ يُرْغَبُ عَنْ ذِكْرِهِ، بَلْ جَعَلَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وصَانَهُ عَنْ عَرْشِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا عَلَيْهِ، يَصْعَدُ إليه الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، وَتَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ، وَتَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ: ويُدَبِّرُ الأَْمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَْرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ.

فَصَانَهُ عَنِ اسْتِوَائِهِ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَأْنَفُ الإِْنْسَانُ - بَلْ غَيْرُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ - أَنْ يَكُونَ فِيهِ.

****

الشرح

كذلك الجَبَرِيَّةُ تَنَقَّصُوا اللهَ جل وعلا بقولهم: إِنَّ العبدَ مجبورٌ على فِعْلِ نفسِه، وليس له فيها تَصَرُّفٌ. خلافاً للمُعْتَزِلَةِ الذين يقولون: إِنَّ العبدَ يَخْلُقُ فِعْلَ نفسِه. ومقتضى قولِ الجَبَرِيَّةِ: أَنَّ اللهَ يُعذِّبُ العبدَ على شيءٍ لم يفعلْه، وهذا ظُلْمٌ، فهُمْ لم يُنَزِّهُوا اللهَ عن الظُّلْمِ؛


الشرح