×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وَمَا قَدَرَ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ نَفَى حَقِيقَةَ مَحَبَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَمَقْتِهِ، وَلاَ مَنْ نَفَى حَقِيقَةَ حِكْمَتِهِ الَّتِي هِيَ الْغَايَاتُ الْمَحْمُودَةُ الْمَقْصُودَةُ بِفِعْلِهِ، وَلاَ مَنْ نَفَى حَقِيقَةَفِعْلِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِعْلاً اخْتِيَارِيًّا يَقُومُ بِهِ، بَلْ أَفْعَالُهُ مَفْعُولاَتٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ، فَنَفَى حَقِيقَةَ مَجِيئِهِ وَإِتْيَانِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَتَكْلِيمِهِ مُوسَى مِنْ جَانِبِ الطُّورِ، وَمَجِيئِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ بِنَفْسِهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِ كَمَالِهِ، الَّتِي نَفَوْهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ بِنَفْيِهَا قَدَرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ.

وَكَذَلِكَ لَمْ يَقْدِرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ جَعَلَ لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، أَوْ جَعَلَهَ سُبْحَانَهُ يَحِلُّ فِي جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ، أَوْ جَعَلَهُ عَيْنَ هَذَا الْوُجُودِ.

****

الشرح

كذلك مَن نفى عن اللهِ الأَفْعالَ، وقال: إِنَّ اللهَ لا ينزل إِلَى سماءِ الدُّنْيَا كلَّ ليلةٍ، ولا يجيءُ يومَ القيامِ لفَصْل القَضاءِ بينَ عباده، ووصف اللهَ بالعجزِ وعدمِ الفعل، فمَن نفى أَفْعالَ اللهِ فقد تنقَّص اللهَ، وجَعَلَه جماداً لا يتحرَّك ولا يعمل أَيَّ شيءٍ. واللهُ تبارك وتعالى يقول: { هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ }، [البقرة: 210] ، {وَجَآءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] ، فدلَّ على أَنَ للهِ جل وعلا أَفْعَالاً.

وقولُه: «وتكليمُه مُوْسَى من جانبِ الطُورِ»، مَنِ الَّذِي كلَّم مُوْسَى وقال: {إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ} [طه: 12] ، أَلَيْسَ هُوَ اللهُ سبحانه وتعالى ؟ وهَؤُلاَءِ يقولون كَلَّمَتْهُ الشَّجرةُ! وهل الشَّجرةُ تقول: أَنَا رَبُّكَ؟!، هل الشَّجرةُ تقول: { ٱذۡهَبۡ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ إِنَّهُۥ طَغَىٰ} [طه: 24] ؟! فهَؤُلاَءِ زَعَمُوا أَنَّهم يُنَزِّهُونَ اللهَ عن مشابَهةِ خَلْقِه، فنَفَوا عنه الأَسْماءَ والصِّفاتِ تنزيهًا له بزَعْمِهم، فعطَّلوه.


الشرح