نقول
لهم: بلْ أَنْتُمْ الذين شَبَّهْتُمُ اللهَ
بالجماداتِ العاجزةِ، فأَنْتُمْ في الحقيقةِ مُشَبِّهَةٌ، أَمَّا نَحْنُ فنقول:
كما أَنَّ ذاتَه لا تُشْبِهُ ذواتِ المخلوقين كذلك أَسْماؤُهُ وصفاتُه لا تُشْبِهُ
صفاتِ المخلوقين، فنَحْنُ نُثْبِتُ مع التَّنْزِيْهِ، وأَمَّا أَنْتُمْ فتُعطِّلون
عنه أَسْماءَهُ وصفاتِهِ، وتجعلونه عدماً عاجزاً، فليس التَّنْزيهُ في نَفْيِ
الأَسْماءِ والصِّفاتِ، وإِنَّما التَّنْزِيْهُ في نَفْيِ المشابهةِ بَيْنَهُ
وبَيْنَ خَلْقِهِ.
وقولُه: «وكذلك لم يَقْدِرْهُ حقَّ قدرِه مَن جَعَلَ
له صاحبةً وولداً»، وهُمُ النَّصَارَى الذين قالوا: المَسِيْحُ ابنُ اللهِ،
ومعلومٌ أَنَّ الولدَ جُزْءٌ من الوالدِ، والولدُ يُشْبِهُ الوالدَ، واللهُ سبحانه
وتعالى لا شبيهَ لَهُ ولا مثيلَ، فهُمْ لم يُنَزِّهُوا اللهَ تبارك وتعالى
وأَثْبتوا له الشَّبيهَ، وجعلوه محتاجاً إِلَى الولدِ، وجعلوا المَسِيْحَ جُزْءاً
من اللهِ: { وَجَعَلُواْ
لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ} [الزخرف: 15] .
وقولُه: «أَوْ جَعَلَهُ سبحانه يَحِلُّ في جميعِ
مخلوقاتِه» هَؤُلاَءِ البهائِيَّةُ والحلوليَّةُ، يزعمون أَنَّ اللهَ عز وجل
يَحِلُّ في المخلوقات، وأَنَّ الإِنْسانَ إِذَا وَصَلَ إِلَى درجةٍ من العبادة
فإِنَّ اللهَ يكون حالًّا فيه! تعالى اللهُ عمَّا يقولون عُلُواً كبيراً.
وقولُه: «أَوْ جَعَلَهُ عينَ هذا الوجودِ» هذا أَشدُّ، وهَؤُلاَءِ هُمْ أَهْلُ وَحْدَةِ الوُجُودِ -كابنِ عَرَبِيِّ، والتِّلْمِسَانِيِّ، وابنِ الفَارِضِ، وابنِ سبعين- الذين يقولون: ليس هناك خالقٌ ومخلوقٌ، بلِ الكونُ كلُّه هو اللهُ، والذي يقول: إِنَّ الوجودَ ينقسم إِلَى قسمين: خالقٍ ومخلوقٍ. هذا مُشْرِكٌ عندهم، أَمَّا التَّوحيدُ: أَنْ تقولَ الوجودُ كلُّه هو اللهُ، بما فيه من الحيواناتِ، والكِلابِ، والخنازيرِ، كلُّ شيءٍ هو اللهُ! تعالى اللهُ عمَّا يقولون.