×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وَكَذَلِكَ لَمْ يَقْدِرْهُ حَقَّ قَدْرِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ رَفَعَ أَعْدَاءَ رَسُولِه وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَعْلَى ذِكْرَهُمْ، وَجَعَلَ فِيهِمُ الْمُلْكَ وَالْخِلاَفَةَ وَالْعِزَّ، وَوَضَعَ أَوْلِيَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَأَهَانَهُمْ وَأَذَلَّهُمْ وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الذُّلَّ أَيْنَمَا ثُقِفُوا، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ غَايَةَ الْقَدْحِ فِي جَنَابِ الرَّبِّ. تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الرَّافِضَةِ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَهَذَا الْقَوْلُ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنَّهُ أَرْسَلَ مَلِكًا ظَالِمًا، فَادَّعَى النُّبُوَّةَ لِنَفْسِهِ، وَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ، وَمَكَثَ زَمَانًا طَوِيلاً يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ كُلَّ وَقْتٍ، وَيَقُولُ: قَالَ اللَّهُ كَذَا، وَأَمَرَ بِكَذَا، وَنَهَى عَنْ كَذَا، يَنْسَخُ شَرَائِعَ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، وَيَسْتَبِيحُ دِمَاءَ أَتْبَاعِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحَرِيمَهُمْ، وَيَقُولُ: اللَّهُ أَبَاحَ لِي ذَلِكَ، وَالرَّبُّ تَعَالَى يُظْهِرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ، وَيُعْلِيهِ، وَيُعِزُّهُ، وَيُجِيبُ دَعَوَاتِهِ، وَيُمَكِّنُهُ مِمَّنْ خَالَفَهُ، وَيُقِيمُ الأَْدِلَّةَ عَلَى صِدْقِهِ، وَلاَ يُعَادِيهِ أَحَدٌ إِلاَّ ظَفِرَ بِهِ، فَيَصْدُقُهُ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَتَقْرِيرِهِ، وَيُحْدِثُ أَدِلَّةَ تَصْدِيقِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ أَعْظَمَ الْقَدْحِ وَالطَّعْنِ فِي الرَّبِّ سبحانه وتعالى ، وَعِلْمِهِ، وَحِكْمَتِهِ، وَرَحْمَتِهِ، وَرُبُوبِيَّتِهِ. تَعَالَى عَنْ قَوْلِ الْجَاحِدِينَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

فَوَازِنْ بَيْنَ قَوْلِ هَؤُلاَءِ، وَقَوْلِ إِخْوَانِهِمْ مِنَ الرَّافِضَةِ، تَجِدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

رَضِيعَيْ لِبَانِ ثَدْيِ أُمٍّ تَقَاسَمَا

 

بِأَسْحَمَ دَاجٍ عَوْضُ لاَ نَتَفَرَّقُ ([1]).
 

****

الشرح

الرَّافضةُ يَدَّعَونَ في أَئِمَّتِهم العِصْمَةَ، وأَنَّهم يُدبِّرون الكونَ، وأَنَّ كلَّ شَعْرَةٍ أَوْ كلَّ ذَرَّةٍ في الكونِ فإِنَّها من تدبيرِ الأَوْلياءِ والأَئِمَّةِ،


الشرح

([1])ينسب البيت للأعشى، ينظر: ديوانه (ص: 275).