ويفعل ما يشاءُ!. نَعَمْ
يفعل ما يشاءُ ولكن لحِكْمَةٍ، فلا يَلِيْقُ به أَنْ يُعذِّبَ المسلمَ، ويُنْعِمَ
الكافرَ، وهو القائل: ,{ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ
ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّار} [ص: 28] .
اللهُ نفى هذا، وهم يقولون:
لو شاءَ اللهُ عذَّب المسلمَ وأَدْخَلَهُ النَّارَ، ونَعَّمَ الكافرَ وأَدْخَلَهُ
الجَنَّةَ؛ لأَنَّه يفعل ما يشاءُ، ولا يُسْأَلُ عمَّا يفعل! تعالى اللهُ عمَّا
يقولون، نَعَمْ هو لا يُسْأَلُ عمَّا يفعل سبحانه لكمالِ حِكْمَتِه، فهو يفعل ما
يشاءُ مع الحِكْمَةِ، وقد وَصَفَ نفسَه تبارك وتعالى بأَنَّه الحكيمُ. ويقولون -
أَيْضاً - : هو مُنَزِّهٌ عن الأَغْراض؛ لأَنَّ الحِكْمَةَ عندهم غَرْضٌ، فهو
مُنَزَّهٌ عنها! وهذا تنقيصٌ للهِ عز وجل أَنَّه يفعل لا لحِكْمةٍ، وإِنَّما
لمُجرَّدِ المَشِيْئَةِ، فيجوز عليه أَنْ يُعذِّبَ أَوْلِيَاءَهُ، وأَنْ يُنْعِمَ
أَعْداءَهُ، هذا ما قَدَرَهُ حقَّ قدرِه.
وكذلك ما قَدَرَهُ حقَّ
قدرِه مَن زَعَمَ أَنَّه لا يَبْعَثُ العبادَ من قبورِهم للجزاءِ والحسابِ، وأَنَّ
المسلمَ يَفْنَي حياتَه بالطَّاعة ولا يبعث للجَنَّةِ، وأَنَّ الكافرَ يفني حياتَه
في الكُفْرِ ولا يبعث إِلَى النَّار، وأَنَّه يستوي المؤمنُ والكافرُ في هذا، كلُّ
منهم يموت ولا يلقى جزاءً ولا ثواباً!
وقد كَذَّبَهُمُ اللهُ جل
وعلا بقوله: {أَفَنَجۡعَلُ
ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ ٣٦} [الْقَلَمِ: 35-
36] ، {أَمۡ نَجۡعَلُ
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ
أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّار} [ص: 28] .
فالذي يُنْكِرُ البعثَ يُنْكِرُ العدلَ والجزاءَ من اللهِ عز وجل ، ويَدَّعِي أَنَّ النَّاسَ كلَّهم سواءٌ الذي يَكْفُرُ والذي يُؤْمِنُ، كلُّهم يموتون ولا جزاءَ ولا ثوابَ، وأَنَّ خلقَ السَّمواتِ والأَرْضِ كان عبثاً، والله تبارك وتعالى يقول: {وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ ٢٧أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ ٢٨} [ص: 27: 28] .