×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١} [سَبَأٍ: 40، 41] .

فَالشَّيْطَانُ يَدْعُو الْمُشْرِكَ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَيُوهِمُهُمْ أَنَّهُ مَلَكٌ.

****

الشرح

قولُه: «وكذلك لم يَقْدِرْهُ حقَّ قدرِه مَن هَانَ عليه أَمْرَهُ فعَصَاهُ» مَن استهان بأَوَامِرِ اللهِ جل وعلا ونَوَاهِيْهِ، ووَلِجَ في المعاصي وترك الطَّاعاتِ، فهو لم يَقْدِرْهُ حقَّ قدرِه. كالذي يخاف من المخلوقين ولا يخاف من اللهِ؛ يخاف من الملوكِ والسَّلاطين، ولا يخالفهم لأَنَّهم يَبْطِشُونَ بِهِ، ويخالف أَمْرَ اللهِ سبحانه وتعالى ويَرْتَكِبُ نَهْيَه ولا يخاف منه.

والذي لا يستحضر أَنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عليه وقادرٌ عليه، وأَنَّه في قبضتِه، فيَسْرَحُ ويَمْرَحُ، ويَكْفُرُ ويُشْرِكُ، ويَفْسُقُ، كأَنَّ اللهَ لا يَرَاهُ ولا يَطَّلِعُ عليه، في حينِ أَنَّه يخاف من المخابراتِ والاسْتِخْباراتِ، ومن مخالفةِ النَّاس لئَلاَّ يُعَاقَبُوهُ، ويَحْذَرُ منهم أَنْ يَطَّلِعُوا عليه أَوْ يعلموا عنه شيئاً يُغْضِبُهُمْ، فيُعظِّم نظرَ المخلوق إِلَيه، ولا يخاف من اللهِ جل وعلا .

فتَجِدُهُ فاتراً في طاعةِ اللهِ، جاداً في إِرْضاءِ النَّاس، وإِذَا أَعْطى أَحَداً من النَّاس أَجْزَلَ له العَطِيَّةَ، يريد منه المدحَ والثَّناءَ، أَوْ يخاف منه أَنْ يَسُبُّهُ، وإِذَا تصدَّق لوجهِ اللهِ ما يُعْطِي إِلاَّ أَرْدَأَ شيءٍ وأَقلَّ شيءٍ عنده، واللهُ عز وجل يقول: {وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} [الحج: 32] ، ويقول: { لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ} [آل عمران: 92] ، فالذي يُعْطِي الصَّدقة من المالِ الجَيِّدِ والكسبِ الحلالِ هذا هو الذي قَدَرَ اللهَ حقَّ قدرِه، أَمَّا الذي يُعْطِي الهزيلَ والرَّدِيءَ فهذا لم يَقْدِرِ اللهَ حقَّ قدرِه.


الشرح