×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

والذين يقولون: نحنُ اتَّخَذْنَا عباداً صالحين وُسطاءَ ليقرِّبونا عند الله، أَشْرَكُوهُمْ مع اللهِ لأَنَّهم عبادٌ صالحون بزَعْمِهم، فأَنْكَرَ اللهُ جل وعلا عليهم، وقال: { هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ } [الروم: 28] ، أي: هل ترضون أَنْ يكونَ مماليكُكم شركاءَ لكم في أَمْوالِكم؟! أَنْتُمْ لا ترضون بِهذا، فكيف ترضونه للهِ عز وجل ؟!!

وقولُه: «فما قدَّر اللهَ حقَّ قدرِه مَن عَبَدَ مَعَهُ غيرَه»، المُشْرِكُ الذي عَبَدَ مع اللهِ غيرَه تَنَقَّصَ اللهَ سبحانه وتعالى تنقُّصاً عظيماً؛ لأَنَّه سَاوَى غيرَه بِه في العبادة، واللهُ جل وعلا لا يُساويه أَحَدٌ كائِناً مَن كان: {لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ} [الشورى: 11] ، فهو الغنيُّ الحميدُ، وما سِواه فقيرٌ عاجزٌ، ولهذا سمَّى اللهُ الشِّرْكَ عدلاً به، حيث قال: {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} [الأنعام: 1] ، وقال: {بَلۡ هُمۡ قَوۡمٞ يَعۡدِلُونَ} [النمل: 60] يعني: يعدلون غيرَ الله بِه، ويُسَوُّونَه بِهِ {تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨} [الشعراء: 97، 98] .

فالمُشْرِكُ سَوَّى غيرَ اللهِ بِهِ، وهذا أَعْظمُ الظُّلْمِ، وأَعْظمُ التَّنقُّصِ للهِ عز وجل ، ولهذا قال تبارك وتعالى : {وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطۡوِيَّٰتُۢ بِيَمِينِهِۦۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ} [الزمر: 67] ، فهل الذي يقبضُ الأَرْضَ بيَدِهِ ويَطْوِي السَّمواتِ بيَمِيْنِه يُسَوَّى به العاجزَ الفقيرَ؟! هذا باطلٌ من كلِّ وجهٍ. وقال سبحانه وتعالى : {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡ‍ٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ} [الحج: 73] .


الشرح