×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وبِدَعٌ مُضَّلِّلةٌ: وهي البِدَعُ التي فيها ضلالةٌ وكبيرةٌ من كبائِرِ الذُّنوب، قال صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».

وبِدَعُ مَعْصِيَةٍ: وهذه أَخفُّ، وكلُّها لا خيرَ فيها.

وقولُه: «ولمَّا كانت هذه البِدَعُ المُضِّلَّةُ جهلاً بصفاتِ الله» وفيها تكذيبٌ للهِ؛ لأَنَّ اللهَ وصف نفسَه، وسمَّى نفسَه، فالذي ينفيها هو مُبْتَدِعٌ كاذبٌ، والذين ينفون الصِّفاتِ مِنْهُمْ مَن يُكفَّر، ومِنْهُمْ من لا يُكفَّر ولكنَّه ضالٌّ، كالمُقلِّدِ، أَوِ المُتَأَوِّلِ، أَمَّا الذي يتعمَّد ويعاند فهذا كافرٌ بلا شكٍّ.

وقولُه: «وكانتْ أَحبَّ إِلَى إِبْليسَ من كبارِ الذُّنوب» البِدْعةُ أَحبُّ إِلَى إِبْليسَ من الزِّنَا، ومِن شُرْبِ الخَمْرِ؛ لأَنَّ العاصي يعلم أَنَّه مخطئٌ وقد يتوب، خلافاً للمبتدعِ فإِنَّه يرى أَنَّه على صوابٍ وقلَّ أَنْ يتوبَ؛ لأَنَّه يرى أَنَّه على خيرٍ وأَنَّه على حقٍّ.

وقولُه: «فلمَّا رَأَيْتُ ذلك بَثَثْتُ فيهم الأَهْواءَ، فهم يَذْنِبُونَ ولا يتوبون»، وهذا خطيرٌ جداً، لمَّا رَأَى عَدُوَّ اللهَ أَنَّ عبادَ الله يتوبون ويستغفرون، وينهدم ما بناه، لَجَأَ إِلَى شَيْءٍ لا يتوبون منه وهو: اتِّباعُ الأَهْوَاءِ، واتِّباعُ البِدَعِ.

وقولُه: «ومعلومٌ أَنَّ المُذْنِبَ إِنَّما ضَرَرُهُ على نفسِه، وأَمَّا المُبْتَدِعُ فضَرَرُهُ على النَّوع» هذا - أَيْضاً - وجهٌ آخَرُ في شرِّ البِدَعِ، وهو: أَنَّ ضَرَرَ البدعةِ يتعدَّى إِلَى النَّاس ويقتدون به، خلافاً لضَرَرِ المعصيةِ فإِنَّه يتعدَّى العاصي نفسَه، والنَّاسُ لا يقتدون بالعُصاةِ، ويعلمون أَنَّ هذه معصيةٌ، وينهون عنها، أَمَّا البِدْعةُ فمَن يعمل بها يعتقد أَنَّها دِيْنٌ، وأَنَّ مَن أَنْكَرَهَا فهو مُنْكِرٌ للدِّين، كما يُطَنْطِنُونَ به الآْنَ في كتاباتِهم وصُحُفِهم ومُؤَلَّفاتِهم،


الشرح