والكَلام المُحرَّم كَثيرٌ،
منه: اللغوُ، وشهادةُ الزُّور، والغِيبة، والنَّميمة... إلى غيرِ ذلكَ.
فالكلامُ سَهْل على
الإنسانِ، لكِنه خَطيرٌ جدًّا، كما في الحَديث: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا،
يَهْوِي فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ» ([1])، وهيَ
كَلِمةٌ واحدةٌ، فعَلى الإنسانِ أن يحفظَ لِسانه، وفي الحَديث أيضًا: «مَنْ يَضْمَنُ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ»
يَعني: اللِّسَان «وَمَا بَيْنَ
رِجْلَيْهِ أَضْمَنُ لَهُ الجَنَّةَ» ([2]).
فإذا حفظَ الإنسانُ لِسانه
وحفظَ فَرجَه فإنه يَدخُل الجنةَ بإذنِ اللهِ، وإنما غالبُ ما يُهلِك الإنسانَ مِن
هَذين العُضوين.
وقوله: «فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ
بِالْكَلِمَةِ نَظَرَ: هَلْ فِيهَا رِبْحٌ وَفَائِدَةٌ أَمْ لاَ؟» على
الإنسانِ أنه يُفكِّر قبلَ أن يتكلَّم، هل كَلامه فيه مَنفعةٌ فيَمضي فيه، أم فيه
مَضرَّة فيُمسِك عنه، وإذا لم يكُن فيه نفعٌ ولا ضَرَرٌ فلا يُتعِب نفسَه فيه،
ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ
كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ
لِيَصْمُتْ» ([3]).
وقوله: «الْقُلُوبُ كَالْقُدُورِ تَغْلِي بِمَا فِيهَا»؛ لأن الكلامَ يَدُلّ على ما فِي القَلب، فإذَا كانَ الكلامُ طَيِّبًا دَلَّ على أن القلبَ طَيِّبٌ، وإذا كانَ سَيِّئًا دلَّ على أن القلبَ سَيِّئٌ، فاللسانُ ترجماتٌ للقلبِ يُعبِّر عمَّا فيه، ويَدُلّ على باطنِ الإنسانِ وما يُخفِيه في نَفسه، قالَ تَعالى: { وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ} [محمد: 30] ، هذا في المُنافقين، فالنِّفاق يُعرَف بكلامِ صَاحبه.