×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فَرُبَّمَا جَاءَهُ الْمَوْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْمُرَادُ، وَلاَ عَلِمَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ كَرَّرَ عَلَيْهِ الدَّاعِي وَأَعَادَ» ([1]).

قَالَ: «وَيُرْوَى أَنَّ بَعْضَ رِجَالِ النَّاصِرِ نَزَلَ الْمَوْتُ بِهِ، فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ: قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَقَالَ: النَّاصِرُ مَوْلاَيَ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ، فَأَعَادَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَصَابَتْهُ غَشْيَةٌ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: النَّاصِرُ مَوْلاَيَ، وَكَانَ هَذَا دَأْبَهُ كُلَّمَا قِيلَ لَهُ قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: النَّاصِرُ مَوْلاَيَ، ثُمَّ قَالَ لاِبْنِهِ: يَا فُلاَنُ، النَّاصِرُ إِنَّمَا يَعْرِفُكَ بِسَيْفِكَ، وَالْقَتْلَ الْقَتْلَ، ثُمَّ مَاتَ».

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: «وَقِيلَ لآِخَرَ - مِمَّنْ أَعْرِفُهُ - : قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. فَجَعَلَ يَقُولُ: الدَّارُ الْفُلاَنِيَّةُ أَصْلِحُوا فِيهَا كَذَا، وَالْبُسْتَانُ الْفُلاَنِيُّ افْعَلُوا فِيهِ كَذَا».

وَقَالَ: «وَفِيمَا أَذِنَ أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ أَنْ أُحَدِّثَ بِهِ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ بِالْفَارِسِيَّةِ: دَهْ يَازَدَهْ دَهْ وَازَدَهْ، تَفْسِيرُهُ: عَشْرٌ بِأَحَدَ عَشَرَ. وَقِيلَ لآِخَرَ: قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ».

قَالَ: «وَهَذَا الْكَلاَمُ لَهُ قِصَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً كَانَ وَاقِفًا بِإِزَاءِ دَارِهِ، وَكَانَ بَابُهَا يُشْبِهُ بَابَ هَذَا الْحَمَّامِ، فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ لَهَا مَنْظَرٌ، فَقَالَتْ: أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ مِنْجَابِ؟

فَقَالَ: هَذَا حَمَّامُ مِنْجَابِ.

فَدَخَلَتِ الدَّارَ وَدَخَلَ وَرَاءَهَا، فَلَمَّا رَأَتْ نَفْسَهَا فِي دَارِهِ وَعَلِمَتْ أَنَّهُ قَدْ خَدَعَهَا، أَظْهَرَتْ لَهُ الْبُشْرَى وَالْفَرَحَ بِاجْتِمَاعِهَا مَعَهُ، وَقَالَتْ لَهُ: يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَعَنَا مَا يَطِيبُ بِهِ عَيْشُنَا وَتَقَرُّ بِهِ عُيُونُنَا.


الشرح

([1])ينظر: العاقبة في ذكر الموت (ص: 178).