فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلاَنُ
اتَّقِ اللَّهَ.
قَالَ: قَدْ كَانَ.
فَقُمْتُ عَنْهُ، فَمَا
جَاوَزْتُ بَابَ دَارِهِ حَتَّى سَمِعْتُ ضجة الْمَوْتِ.
فَعِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ
سُوءِ الْعَاقِبَةِ، وَشُؤْمِ الْخَاتِمَةِ ([1]).
ولقد بكَى سُفيان الثَّوري
ليلةً إلى الصباحِ، فلمَّا أصبحَ قِيل له: كُل هذا خوفًا من الذنوبِ؟ فأخذَ تِبنةً
من الأرضِ، وقالَ: الذنوبُ أهونُ مِن هَذا، وإنما أبكِي من خَوف الخَاتمة» ([2]).
وهذا مِن أعظمِ الفِقْه: أن
يخافَ الرجُل أن تخذلَه ذُنوبه عِند المَوت، فتَحُول بينَه وبينَ الخاتمةِ
الحسنةِ.
وقد ذكرَ الإمامُ أحمدُ عن
أبي الدَّرْدَاء أنه لمَّا احتضرَ جعلَ يُغمَى عليه ثم يُفِيق ويَقرأ: { وَنُقَلِّبُ
أَفِۡٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ
وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ } [الأنعام: 110] ([3]).
فمِن هذا خافَ السلفُ مِن الذُّنوب،
أن تكونَ حِجابًا بينَهم وبينَ الخاتمةِ الحسنةِ.
قال: «واعلمْ أن سُوء الخاتمةِ - أعاذَنا اللهُ مِنها - لا تكونُ لمن استقامَ ظاهرُه وصلحَ باطنُه، ما سمعَ بهذا ولا عَلِم به وللهِ الحمدُ. وإنما تكُون لمن له فسادٌ في العَقيدة، أو إصرارٌ على الكَبائر، وإقدامٌ على العَظائم، فرُبَّما غلبَ ذلكَ عليه حتَّى ينزلَ به المَوتُ قبلَ التوبةِ،
([1])ينظر: العاقبة في ذكر الموت (ص 178 - 180).