وَأَمَّا زِنَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ
اخْتِلاَطَ الأَْنْسَابِ أَيْضًا، وَإِفْسَادَ الْمَرْأَةِ الْمَصُونَةِ
وَتَعْرِيضَهَا لِلتَّلَفِ وَالْفَسَادِ، وَفِي هَذِهِ الْكَبِيرَةِ خَرَابُ
الدُّنْيَا وَالدِّينِ، وَإِنْ عَمَرَتِ الْقُبُورَ فِي الْبَرْزَخِ وَالنَّارَ
فِي الآْخِرَةِ، فَكَمْ فِي الزِّنَا مِنِ اسْتِحْلاَلٍ لِحُرُمَاتٍ وَفَوَاتِ
حُقُوقٍ وَوُقُوعِ مَظَالِمَ؟!
وَمِنْ خَاصِّيَّتِهِ:
أَنَّهُ يُوجِبُ الْفَقْرَ، وَيُقَصِّرُ الْعُمُرَ، وَيَكْسُو صَاحِبَهُ سَوَادَ
الْوَجْهِ، وَثَوْبَ الْمَقْتِ بَيْنَ النَّاسِ.
وَمِنْ خَاصِّيَّتِهِ
أَيْضًا: أَنَّهُ يُشَتِّتُ الْقَلْبَ وَيُمْرِضُهُ إِنْ لَمْ يُمِتْهُ،
وَيَجْلِبُ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ وَالْخَوْفَ، وَيُبَاعِدُ صَاحِبَهُ مِنَ
الْمَلَكِ وَيُقَرِّبُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلَيْسَ بَعْدَ مَفْسَدَةِ الْقَتْلِ
أَعْظَمُ مِنْمَفْسَدَتِهِ، وَلِهَذَا شُرِعَ فِيهِ الْقَتْلُ عَلَى أَشْنَعِ
الْوُجُوهِ وَأَفْحَشِهَا وَأَصْعَبِهَا، وَلَوْ بَلَغَ الْعَبْدَ أَنَّ
امْرَأَتَهُ أَوْ حُرْمَتَهُ قُتِلَتْ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ
يَبْلُغَهُ أَنَّهَا زَنَتْ.
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ
عُبَادَةَ رضي الله عنه : لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ
بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ: «تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ،
وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» ([1]). مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
أَيْضًا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ
يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ» ([2]).
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم : «لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ،
([1])أخرجه: البخاري رقم (6846)، ومسلم رقم (1499).