وقوله: «وَلِهَذَا شُرِعَ فِيهِ الْقَتْلُ عَلَى
أَشْنَعِ الْوُجُوهِ وَأَفْحَشِهَا وَأَصْعَبِهَا»، وهو الرَّجْم، فإن
الزَّاني المُحصَن يُقتَل بالرَّجم حدًّا ولا يُقتَل بالسَّيف أو الرَّصاص، وإنما
يُرجَم بالحِجارة حتى يَمُوت، وهَذه أشنعُ قِتلة، لأن جريمتَه أشنعُ جريمةٍ.
وقوله: «وَلَوْ بَلَغَ الْعَبْدَ أَنَّ امْرَأَتَهُ
أَوْ حُرْمَتَهُ قُتِلَتْ كَانَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَبْلُغَهُ أَنَّهَا
زَنَتْ»، لو قُتِلَت هذه المَرأةُ ظُلمًا وعُدوانًا - مع تَحريم القَتل
وشِدَّة جَريمتِه - لكانَ أهونَ من الزنَا؛ لأن المَرأة إذا زَنَتْ سَقَطَتْ من
المُجتمع، وجَرَّت عارًا على قَبيلتها وأُسرتها، أما إذا قُتِلَتْ فإن قتلَها لن
يَجُرَّ العَار عَليهم، بل سيترحَّمون عليها، ويَدعُون لها، ويُقال: مَاتت
مَظلومةً.
ولذلكَ يَجِب على المُؤمن أن
يكونَ عِنده غيرةٌ على مَحارمه، فهذا سَعدٌ رضي الله عنه مِن شِدَّة غيرتِه على
أهلِه يَقول: «لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ
امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ»، وهذا مِن الغيرةِ على
العِرض، والرسُول صلى الله عليه وسلم أغيرُ مِنه، واللهُ جل وعلا أغيرُ مِن جَميع
خَلقِه، وغيرتُه أنه يَغضبُ «أَنْ
يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ».
فدَلَّ على وُجوبِ الغيرةِ للأعراضِ، والغيرةِ على المَحارم، وعدمِ التساهُل في تَرك المَحارم فَرِيسةً لدُعاةِ التَّعَرِّي والسُّفور، بل يكُون الإنسانُ حَازمًا في حِماية مَحارمه.