وَظُهُورُ
الزِّنَا مِنْ أَمَارَاتِ خَرَابِ الْعَالَمِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ،
كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ:
لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لاَ يُحَدِّثُكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِي، سَمِعْتُهُ
مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيُشْرَبَ
الْخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ،
حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ» ([1]).
وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ
اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ أَنَّهُ عِنْدَ ظُهُورِ الزِّنَا يَغْضَبُ
اللَّهُ سبحانه وتعالى وَيَشْتَدُّ غَضَبُهُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يُؤَثِّرَ غَضَبُهُ
فِي الأَْرْضِ عُقُوبَةً.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْعُودٍ: «مَا ظَهَرَ الرِّبَا وَالزِّنَا فِي قَرْيَةٍ إِلاَّ أَذِنَ اللَّهُ
بِإِهْلاَكِهَا».
وَرَأَى بَعْضُ أَحْبَارِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْنًا يَغْمِزُ امْرَأَةً، فَقَالَ: مَهْلاً يَا بُنَيَّ،
فَصُرِعَ الأَْبُ عَنْ سَرِيرِهِ، فَانْقَطَعَ نُخَاعُهُ وَأَسْقَطَتِ
امْرَأَتُهُ، وَقِيلَ لَهُ: هَكَذَا غَضَبُكَ لِي؟! لاَ يَكُونُ فِي جِنْسِكَ
خَيْرٌ أَبَدًا.
وَخَصَّ سُبْحَانَهُ حَدَّ
الزِّنَا مِنْ بَيْنِ الْحُدُودِ بِثَلاَثِ خَصَائِصَ:
أَحَدُهَا: الْقَتْلُ فِيهِ
بِأَشْنَعِ الْقِتَلاَتِ، وَحَيْثُ خَفَّفَهُ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ
عَلَى الْبَدَنِ بِالْجَلْدِ وَعَلَى الْقَلْبِ بِتَغْرِيبِهِ عَنْ وَطَنِهِ
سَنَةً.
الثَّانِي: أَنَّهُ نَهَى عِبَادَهُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ بِالزُّنَاةِ رَأْفَةٌ فِي دِينِهِ، بِحَيْثُ تَمْنَعُهُمْ مِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ رَأْفَتِهِ بِهِمْ وَرَحْمَتِهِ بِهِمْ شَرَعَ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ؛ فَهُوَ أَرْحَمُ بِكُمْ، وَلَمْ تَمْنَعْهُ رَحْمَتُهُ مِنْ أَمْرِهِ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ، فَلاَ يَمْنَعْكُمْ أَنْتُمْ مَا يَقُومُ بِقُلُوبِكُمْ مِنَ الرَّأْفَةِ مِنْ إِقَامَةِ أَمْرِهِ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (80)، ومسلم رقم (2671).