وَحَدُّ الزَّانِي الْمُحْصَنِ
مُشْتَقٌّ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْمِ لُوطٍ بِالْقَذْفِ
بِالْحِجَارَةِ، وَذَلِكَ لاِشْتِرَاكِ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ فِي الْفُحْشِ،
وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَسَادٌ يُنَاقِضُ حِكْمَةَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ
وَأَمْرِهِ، فَإِنَّ فِي اللِّوَاطِ مِنَ الْمَفَاسِدِ مَا يَفُوتُ الْحَصْرَ
وَالتَّعْدَادَ، وَلَأَنْ يُقْتَلَ الْمَفْعُولُ بِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ
يُؤْتَى، فَإِنَّهُ يَفْسَدُ فَسَادًا لاَ يُرْجَى لَهُ بَعْدَهُ صَلاَحٌ أَبَدًا،
وَيَذْهَبُ خَيْرُهُ كُلُّهُ، وَتَمُصُّ الأَْرْضُ مَاوية الْحَيَاءِ مِنْ
وَجْهِهِ، فَلاَ يَسْتَحِي بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ وَلاَ مِنْ خَلْقِهِ،
وَتَعْمَلُ فِي قَلْبِهِ وَرُوحِهِ نُطْفَةُ الْفَاعِلِ مَا يَعْمَلُ السُّمُّ فِي
الْبَدَنِ.
****
الشرح
قوله: «وَظُهُورُ الزِّنَا مِنْ أَمَارَاتِ خَرَابِ
الْعَالَمِ» يَفشُو الزنَا في آخرِ الزَّمان بسببِ التساهُل في كَشف العَورات،
والتساهُل في تركِ الحِجاب، والتساهُل في تَرك النساءِ يَعمَلْنَ ما شِئْنَ بدَعوى
حُرِّية المَرأة وحُقوق المَرأة... إلى غيرِ ذلكَ من الدَّعَاوَى الخَبيثة التي
يَنْعِقُ بها دُعاة التبرُّج والسُّفور.
فإذا كَثُرَ الزنَا حصلَ
الدَّمارُ والخَرابُ في العَالم، ولهذا قالَ اللهُ سبحانه وتعالى : {إِنَّهُۥ
كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} [الإسراء: 32] ، فالزنَا أمرُه خطيرٌ جدًّا على
المُجتمع.
والآنَ انتشرَ في العالمِ
مرضُ فَقْدِ المَناعة المُسمَّى: «الإِيدز»،
والذِي يُصاب به يُعزَل عن الناسِ إلى أن يَمُوتَ؛ لأنه لا يُرجَى شِفاؤه، ولا
يُفِيد عِلاجه، وهذا إنما يكُون بسببِ الزنَا أو فعلِ فاحشةِ اللواطِ،
والإحصائِيَّات تُشِير إلى ارتفاعِ نسبةِ المُصابين بهذا المَرض في الدُّوَل التِي
تَنتشرُ فيها الفاحِشة.
والتساهُل في الزنَا ومُقدِّمات الزنَا: عَواقبُه وَخِيمةٌ، فهذا أحدُ أحبارِ بَني إسرائيلَ لمَّا رأَى ابنَه يغمزُ امرأةً ما أدَّبَه،