وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ
الَّذِي رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ
وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ
وَالْمَفْعُولَ بِهِ» ([1]). رَوَاهُ
أَهْلُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ الإِْمَامُ
أَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
قَالُوا: وَثَبَتَ عَنْهُ
صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ
لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ
عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ» ([2]).
وَلَمْ يَجِئْ عَنْهُ
لَعْنَةُ الزَّانِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ لَعَنَ
جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِمْ فِي اللَّعْنِ
مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَرَّرَ لَعْنَ اللُّوطِيَّةِ، وَأَكَّدَهُ ثَلاَثَ
مَرَّاتٍ.
وَأَطْبَقَ أَصْحَابُ
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلِهِ، لَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ
فِيهِ رَجُلاَنِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ،
فَظَنَّ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلاَفًا مِنْهُمْ فِي قَتْلِهِ، فَحَكَاهَا
مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَهِيَ بَيْنَهُمْ مَسْأَلَةُ إِجْمَاعٍ
لاَ مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ.
قَالُوا: وَمَنْ تَأَمَّلَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} [الإِْسْرَاءِ: 32] ، وَقَوْلَهُ فِي اللِّوَاطِ: {أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} [الأَْعْرَافِ: 80] - تَبَيَّنَ لَهُ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ نَكَّرَ الْفَاحِشَةَ فِي الزِّنَا، أَيْ هُوَ فَاحِشَةٌ مِنَ الْفَوَاحِشِ، وَعَرَّفَهَا فِي اللِّوَاطِ، وَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ جَامِعٌ لِمَعَانِي اسْمِ الْفَاحِشَةِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ الرَّجُلُ، وَنِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ، أَيْ أَتَأْتُونَ الْخَصْلَةَ الَّتِي اسْتَقَرَّ فُحْشُهَا عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، فَهِيَ لِظُهُورِ فُحْشِهَا وَكَمَالِهِ غَنِيَّةٌ عَنْ ذِكْرِهَا، بِحَيْثُ لاَ يَنْصَرِفُ الاِسْمُ إِلَى غَيْرِهَا.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4462)، والترمذي رقم (1456)، وابن ماجه رقم (2561)، وأحمد رقم (2727).