وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِ
فِرْعَوْنَ لِمُوسَى: {وَفَعَلۡتَ
فَعۡلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلۡتَ} [الشُّعَرَاءِ: 19] ، أَيِ الْفَعْلَةَ الشَّنْعَاءَ
الظَّاهِرَةَ الْمَعْلُومَةَ لِكُلِّ أَحَدٍ.
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ
شَأْنَ فُحْشِهَا بِأَنَّهَا لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ
قَبْلَهُمْ، فَقَالَ: {مَا
سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} [الأعراف: 80] ، ثُمَّ زَادَ فِي التَّأْكِيدِ بِأَنْ
صَرَّحَ بِمَا تَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ، وَتَنْبُوعَنْهُ الأَْسْمَاعُ،
وَتَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ أَشَدَّ نَفْرَةٍ، وَهُوَ إِتْيَانُ الرَّجُلِ
رَجُلاً مِثْلَهُ يَنْكِحُهُ كَمَا يَنْكِحُ الأُْنْثَى، فَقَالَ: {إِنَّكُمۡ
لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ} [الأَْعْرَافِ: 81] .
ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى
اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ إِلاَّ
مُجَرَّدَ الشَّهْوَةِ، لاَ الْحَاجَةَ الَّتِي لأَِجْلِهَا مَالَ الذَّكَرُ إِلَى
الأُْنْثَى، مِنْ قَضَاءِ الْوَطَرِ وَلَذَّةِ الاِسْتِمْتَاعِ، وَحُصُولِ الْمَوَدَّةِ
وَالرَّحْمَةِ الَّتِي تَنْسَى الْمَرْأَةُ لَهَا أَبَوَيْهَا، وَتَذْكُرُ
بَعْلَهَا، وَحُصُولِ النَّسْلِ الَّذِي هُوَ حِفْظُ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي هُوَ
أَشْرَفُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَقَضَاءِ وَطَرِهَا، وَحُصُولِ
عَلاَقَةِ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ النَّسَبِ، وَقِيَامِ الرِّجَالِ
عَلَى النِّسَاءِ، وَخُرُوجِ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ مِنْ جِمَاعِهِنَّ
كَالأَْنْبِيَاءِ وَالأَْوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَمُكَاثَرَةِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم الأَْنْبِيَاءَ بِأُمَّتِهِ... إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ
مَصَالِحِ النِّكَاحِ، وَالْمَفْسَدَةُ الَّتِي فِي اللِّوَاطِ تُقَاوِمُ ذَلِكَ
كُلَّهُ، وَتُرْبِي عَلَيْهِ بِمَا لاَ يُمْكِنُ حَصْرُ فَسَادِهِ، وَلاَ يَعْلَمُ
تَفْصِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ.
****
الشرح
اللواطُ: هو إتيانُ الذُّكور والعِياذُ باللهِ، وهو فَاحِشةٌ قبيحةٌ، قالَ اللهُ سبحانه وتعالى في قَوم لُوطٍ: {أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ} [الأعراف: 80] .