وإجماعُ الصَّحابة رضي الله
عنهم على أنه يُقتَل، لكِنهم اختلفُوا بأيِّ شيءٍ يُقتل؟ فبعضُهم يَرى أنه يُقتَل
بالسَّيف، وبَعضهم يَرى أنه يُحرَّق بالنارِ، وقد حرَّقه أبو بكرٍ وخالدُ بنُ
الوَليدِ، وبعضُهم يَرى أنه يُلقَى مِن أعلَى مكانٍ في البَلد كما فعلَ اللهُ ذلك
بقومِ لُوطٍ.
والقول الثالث: أنه ليسَ له
حَدٌّ، وإنما يُعزَّر ويُعاقَب عُقوبةً رادعةً بما يَراه وَلِيُّ الأمرِ.
والصَّحيح - واللهُ أعلمُ - :
أنه يُقتَل بالسَّيف، وهو المَعمولُ به الآنَ، ولا يَضُرُّ اختلافُ الصحابةِ في
كَيْفِيَّة قَتلِه ما دامَ أنهم اتَّفَقُوا على أنه يُقتَل.
والمُصنِّف رحمه الله
يَرُدُّ على ما ذهبَ إليه أصحابُ القولِ الثالثِ ولا يَرتضِيه، ويَرى أنه لا يَكفي
التَّعزِير، بل لابُدَّ مِن قَتله جدًّا، وقالَ: «أَنَّ الْمُبَلِّغَ عَنِ اللَّهِ جَعَلَ حَدَّ صَاحِبِهَا الْقَتْلَ
حَتْمًا، وَمَا شَرَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّمَا شَرَعَهُ
عَنِ اللَّهِ»، فقَولهم: إنَّ اللهَ لم يَجعلْ فِيه حَدًّا، ليسَ بصَحيحٍ، بل
جعلَ اللهُ فيه حَدًّا وهو القَتلُ، كما في هَذا الحَديثِ.
وقال: «وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ بِنَصِّ الْكِتَابِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءُ حُكْمِهِ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ» يَعني: إن أَرَدْتُمْ أنه لم يَثبُت في القُرآن أنه يُقتَل حَدًّا، فليسَ لازمًا؛ لأن سُنَّة الرسولِ صلى الله عليه وسلم هِي الوَحْيُ الثَّاني بعدَ القُرآن، فيُحتَجُّ بها كما يُحتَجُّ بالقُرآن، وليس كُل الحُدودِ أو كُل الأحكامِ مَذكورةً في القُرآن، بل جاءَ بعضُها في السُنَّة.