الثَّانِي: أَنَّ هَذَا يَنْتَقِضُ عَلَيْكُمْ
بِالرَّجْمِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: بَلْ
ثَبَتَ بِقُرْآنٍ نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ.
قُلْنَا: فَيُنْقَضُ
عَلَيْكُمْ بِحَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ نَفْيَ
دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ لاَ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ مُطْلَقِ الدَّلِيلِ وَلاَ نَفْيَ
الْمَدْلُولِ، فَكَيْفَ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي نَفَيْتُمُوهُ
غَيْرُ مُنْتَفٍ؟!
وَأَمَّا قَوْلُكُمْ:
إِنَّهُ وَطْءٌ لاَ تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَلْ رَكَّبَ اللَّهُ الطِّبَاعَ
عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، فَهُوَ كَوَطْءِ الْمَيْتَةِ وَالْبَهِيمَةِ،
فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قِيَاسٌ
فَاسِدُ الاِعْتِبَارِ، مَرْدُودٌ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
الثَّانِي: أَنَّ قِيَاسَ
وَطْءِ الأَْمْرَدِ الْجَمِيلِ الَّذِي فِتْنَتُهُ تَرْبُو عَلَى كُلِّ فِتْنَةٍ،
عَلَى وَطْءِ أَتَانٍ أَوِ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ، مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ، وَهَلْ
يَعْدِلُ ذَلِكَ أَحَدٌ قَطُّ بِأَتَانٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ، أَوْ سَبَى
ذَلِكَ عَقْلَ عَاشِقٍ، أَوْ أَسَرَ قَلْبَهُ، أَوِ اسْتَوْلَى عَلَى فِكْرِهِ وَنَفْسِهِ؟!
فَلَيْسَ فِي الْقِيَاسِ أَفْسَدُ مِنْ هَذَا.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا
مُنْتَقِضٌ بِوَطْءِ الأُْمِّ وَالْبِنْتِ وَالأُْخْتِ، فَإِنَّ النَّفْرَةَ
الطَّبِيعِيَّةَ عَنْهُ حَاصِلَةٌ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ مِنْ أَغْلَظِ
الْحُدُودِ - فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ الْقَتْلُ بِكُلِّ حَالٍ
مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَمُحْصَنٍ، وَهَذِهِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ
الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ
أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: لَقِيتُ عَمِّي وَمَعَهُ الرَّايَةُ، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ وَآخُذَ مَالَهُ» ([1]).
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4457)، والترمذي رقم (1362)، والنسائي رقم (3332).