وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ،
وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَضِدُّهُ لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ، وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَنْتَفِعُ بِعِلْمِهِ فِي نَفْسِهِ وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ،
فَالأَْوَّلُ يَمْشِي فِي نُورِهِ وَيَمْشِي النَّاسُ فِي نُورِهِ، وَالثَّانِي قَدْ
طُفِئَ نُورُهُ، فَهُوَ يَمْشِي فِي الظُّلُمَاتِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي ظُلْمَتِهِ،
وَالثَّالِثُ يَمْشِي فِي نُورِهِ وَحْدَهُ.
****
الشرح
لما ذكرَ الشيخُ رحمه الله
مرضَ الشهوةِ الذي يكُون في قَلب الإنسانِ، ويترتَّب عليه النظرُ إلى ما حَرَّمَ
اللهُ من النِّساءِ وغَيرها؛ مِمَّا يَدعُو إلى الفِتنة، ذكرَ أن عِلاجَه مِن
شَيئينِ:
الأوَّل: غضُّ البصرِ، ولهذا
قالَ اللهُ سبحانه وتعالى : {قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ
مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ
خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ٣٠وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِنَّ
وَيَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ
وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ
أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِيٓ إِخۡوَٰنِهِنَّ أَوۡ
بَنِيٓ أَخَوَٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَآئِهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّٰبِعِينَ
غَيۡرِ أُوْلِي ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ
عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ وَلَا يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ
مِن زِينَتِهِنَّۚ وَتُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣١} [النور: 30، 31] .
ثم أَمَرَهن بالحِجاب، لأن الحِجاب أيضًا وِقايةٌ من هذه الآفةِ، فإذا تَحجَّبَت المرأةُ لم يَبْدُ مِنها شيءٌ يَفْتِن الناسَ، وإذا لم تَتحجَّب أظهرتْ فِتنتها وزَيَّنَتها، سَواءٌ كانتْ زِينةً بَدَنِيَّة، أو زِينةَالحُلِيِّ، أو زِينةَ اللباسِ، وهي مَأمورةٌ بتَجنُّب هذه الأشياءِ: