وذكرَ الشيخُ رحمه الله
لغَضِّ البصرِ فوائدَ وَصَلَتْ إلى عشرِ فوائدَ، لكن أهمَّها: زَكاةُ النفسِ،
والنُّور الذِي يَجعله اللهُ في قَلبِ المُؤمِن الذِي يَغُضُّ بصرَه.
وقوله: «الطَّرِيقُ الثَّانِي المَانِعُ مِنْ
حُصُولِ تَعَلُّقِ القَلْبِ: اشْتِغَالُ الْقَلْبِ بِمَا يَصُدُّهُ عَنْ ذَلِكَ»،
أي: الطريقُ الثانِي مِن العِلاج: خوفُ اللهِ عز وجل ، فإذا خافَ المؤمنُ من اللهِ
مَلَكَ بصرَه، وملكَ سمعَه، وملكَ جوارحَه، وتبدَّلت محبَّته للشهواتِ إلى
مَحَبَّة اللهِ عز وجل وما عِنده، فإذا رُزِق الخوفُ مِن اللهِ والمَحَبَّة لما
عِند اللهِ فإنه يَسْلَم مِن هذه الآفَة، وإذا لم يَكُنْ لمَحَبَّة اللهِ في قَلبه
مَكَانَة؛ أحبَّ الصُّوَر الفَاتِنة والنَّظَر إلى ما حَرَّم اللهُ.
وقوله: «وَهَذَا يَحْتَاجُ صَاحِبُهُ إِلَى
أَمْرَيْنِ إِنْ فَقَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ.
أَحَدُهُمَا: بَصِيرَةٌ صَحِيحَةٌ» أي: يكونُ عِند الإنسانِ بصيرةٌ في قَلبه
يُقارِن بها بينَ المَضَارِّ والمَفاسِد، فيُقارِن بينَ لَذَّة الشهوةِ العَاجِلة
وعُقوبتها الآجِلة، وهذا يَحتاجُ إلى بَصيرةٍ؛ لأن بعضَ الناسِ يَنْظُر إلى
المَلَذَّات العَاجِلة ويَنْسَى العُقوبة فيَقَع في المَحْظُورات، ومن وَفَّقَه
اللهُ نظرَ إلى العَواقبِ فتركَ الشهوةَ العاجلةَ خَوْفًا مِن العُقوبة، وهذه
بَصيرةٌ يُعطِيها اللهُ من يشاءُ من عِباده.
وقوله: «الثَّانِي: قُوَّةُ عَزْمٍ وَصَبْرٍ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ»: كذلك يحتاجُ المُؤمِن مع البصيرةِ أن يُعطِيه اللهُ سبحانه وتعالى قوَّة عزمٍ وصبرٍ يَجعله يترُك هذه الأشياءَ؛ لأن تركَها يَحتاج إلى عَزمٍ وصَبر، والذي ليس عِنده عزمٌ ولا صبرٌ لا يتمكَّن من تركِها ولو كانَ عِنده خوفٌ وبصيرةٌ، فلابُدَّ أن يكونَ عِنده عَزيمة على تَركِ هذا الشيءِ، وصبرٍ على دَفعِ مَألوفاتِه وشَهواته.