×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فهَذه نَتيجة قَوله: {كَلَّآۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهۡدِينِ}، توكَّل على اللهِ عز وجل ، {وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ} [الطلاق: 3] .

وكذلك لمَّا أمرَ اللهُ جل وعلا مُوسى وهَارون أن يذهبَا إلى فِرعونَ، قالاَ: { رَبَّنَآ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفۡرُطَ عَلَيۡنَآ أَوۡ أَن يَطۡغَىٰ} [طه: 45] ؛ لأن فِرعون كانَ جبَّارًا، ومعه قوَّة هائلةٌ وله جنودٌ، ومُوسى وهَارون ليس مَعهما شيءٌ، فدخلاَ عليه يَدعوانه إلى اللهِ، ومع هَذا لم يَستطع فِرعون أن يُصِيبهما بشيءٍ؛ لأن اللهَ تبارك وتعالى قالَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ} [طه: 46] .

فهذا فِرعونُ على بَطشه وجَبروته، وهو الذِي قالَ: أنا رَبكم الأعلَى، ما استطاعَ أن يَنالهما بسُوءٍ؛ لأنهما كانَا في مَعيَّة اللهِ جل وعلا .

فإذا توكَّل العبدُ على اللهِ كانَ اللهُ حَسبه، {وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ} [الطلاق: 3] يَعني: كَافِيه، فلا يضرُّه أحدٌ مَهما كانَ، لكِن الشأنَ في تَحقيق التوكُّل، فإذا تحقَّق التوكُّل فإن اللهَ سيَحفظه ويَحميه.

وقَوله: «فَيَصِيرُ قَلْبُهُ حِينَئِذٍ كَالْحُوتِ، إِذَا فَارَقَ الْمَاءَ يَثِبُ وَيَنْقَلِبُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ» يَعني: إذا أخلصَ العبدُ في تَوكُّله على اللهِ صارَ قلبُه شديدَ المَحبَّة للهِ، ولا يستطيعُ العَيْش بدونِ مَحبَّة اللهِ، فكمَا أن الحُوت لا يَعيش إلا في البَحر ولو خرجَ ماتَ، كذلك العبدُ إذا غفلَ عن اللهِ فإنه يَموت.

وقوله: «وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» هذا يُفسِّر قولَه في أوَّل الحَديث: «كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا»، فإذا سألَ اللهَ أعطاهُ، وإذا استعاذَ به أعاذهُ.


الشرح