×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 ولا يَنظُر إلا إلى خَيرٍ، ولا يَسمعُ إلا ما فيه خيرٌ، ولا يَمشِي برِجْلِه إلا للعبادةِ وما فيه خيرٌ، ولا يَأخُذ بيدِه ويُعطي إلا ما فيه خيرٌ، فيَحفظ اللهُ عليه هذه الأعضاءَ؛ لأن هذه جوارحُ إما أن يكتسبَ بها خيرًا، وإما أن تَجْلب عليه شرًّا.

وهذه الأعضاءُ جَوارِحُ، بمَعنى: أنها كَواسِبُ تكسبُ خيرًا أو تَجْلب شرًّا، فإذا أطاعَ العبدُ ربَّه؛ أحبَّه اللهُ وحفظَ عليه هذه الأعضاءَ، فلا تَكسِبُ له إلا خيرًا، وإذا عصاهُ ضاعتْ عليه هذه الأعضاءُ، وصارتْ تَكسِب شرًّا والعِياذُ باللهِ، هذا هو مَعنى الحديثِ.

وفي هذا الحديثِ الحَثُّ على المُحافظة على الفَرائض التي أَوْجَبَها اللهُ سبحانه وتعالى في العِبادة، ثم لا يقتصرُ على الفَرَائِض، بل يتزوَّد من النَّوَافِل في كُلِّ عِبادةٍ؛ نَوافل الصَّلوات، ونَوافل الصَّدَقات، ونَوافل الصِّيام، ونَوافل في الحَجِّ، ونَوافل في الذِّكْر، فيحرصُ على كل ما يتيسَّر للإنسانِ من فَرائض ونَوافل؛ لأنه بحَاجة إلى الخيرِ والأَجْر والثوابِ.

فكما أنه يحرصُ على جَمْع الدنيَا وتَنمية المالِ والمُحافظة عليه، فأَوْلَى له أنْ يُحافِظ على العِبادة؛ لأن المالَ إما أن يَزُول، وإما أن يَزُول هو ويَتْرُك المَال، لكِن العملَ الصالحَ يَبْقى له ذُخْرًا عِند اللهِ سبحانه وتعالى .

وقوله: «وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ، كَتَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ» ليسَ مَعناهُ أن اللهَ جل وعلا يتردَّد بينَ الفِعْل أو التَّرْك مِثلما يتردَّد العَبْد هل يَفْعَل أو لا يَفْعَل، إنما مَعنى التَّرَدُّد هُنا: أن اللهَ يَكْرَه مَوْت عبدِه المُؤمِن؛ لأن العبدَ المُؤمِن يَكْرَه المَوت، واللهُ تبارك وتعالى يَكْرَه ويُبغض ويَمْقُت، فهذه من صِفات أفعالِه، فيَكْره ما يُكَدِّر على عَبده، لكن لابُدَّ له مِن المَوت.


الشرح