بعد مَحبة اللهِ جل وعلا ،
فهي تابعةٌ لمَحبة اللهِ، ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ
وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ([1]).
فالرسولُ صلى الله عليه وسلم
يُحَبُّ حُبًّا شديدًا بعدَ مَحبة اللهِ؛ لأنه دَلَّ البشريةَ على الخيرِ، وعلى
طَريق الجَنَّة وطَريق السعادةِ، وأنقذَ اللهُ به الناسَ من النارِ.
فمَن أحبَّه وجبَ عليه
اتِّباعه، فلا يَدَّعِي المحبةَ وهو يُخالِفه ويَعصِيه، وإنما عَلامةُ صِدق
المحبَّة: الاتِّباع، فمَن زعمَ أنه يُحِب الرسولَ صلى الله عليه وسلم ولكِنه
يَعصيه فليستْ مَحبتُه سَليمةً، إما أن تكُون ناقصةً، أو لا تكُون مَوجودةً أصلاً.
فالذِين يَعملُون البِدَع في
حَقِّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم ، ويَغْلُون في حَقِّه، ويَعملون له المَوَالِدَ
وهذه الأشياءَ البِدْعِيَّة، ويقولُون: هذه مَحبةٌ للرسولِ نَقول: هذا كَذِبٌ، هذه
ليستْ محبةً للرسولِ، الرسولُ صلى الله عليه وسلم نَهى عن البِدَع، وما تَفعلُونه
في ذِكْرَى مَولِده لم يَفعله الرسولُ صلى الله عليه وسلم ولا أمرَ به، ولا فعلَه
الصَّحابة مِن بَعده، ولا فَعله القُرون المُفضَّلة، فهو بِدعةٌ، فمَن فعلَه وهو
يَدَّعِي أنه يُحِب الرسولَ فهو كَاذِبٌ، ولو كانَ صادقًا في مَحبته لاتَّبَعَهُ
وتركَ ما نَهى عنه. ولهذا يقولُ الشاعرُ ([2]) :
|
تَعْصِي
الإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ |
|
هَذَا
لَعَمْرِي فِي الفِعَالِ بَدِيعٌ |
|
لَوْ كَانَ
حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ |
|
إِنَّ
المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعٌ |
كذلكَ بعدَ محبةِ الرسولِ
صلى الله عليه وسلم مَحبة المُؤمنين، فيكُون الحُب عِند المُؤمن على ثلاثِ
مَراتب:
أولاً: أن تُحب اللهَ جل وعلا ، وهذه مَحبة عِبادةٍ.