ولكن يُضطرُّون إلى القَبُول؛ لأنهم في حاجةٍ
إلى الوُزَرَاء وإلى الأَعْوَان، ولو رَدُّوا شفاعتَهم تَنكَّرُوا عَليهم.
أما اللهُ جل وعلا فإنه
غنيٌّ عن خَلقه، ولا أحدَ يشفعُ عِنده إلا بإذنِه، ولا يأذنُ إلا لأهلِ التوحيدِ،
أما الكُفار فلا تُقبَل فيهم شفاعةٌ: {فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ
ٱلشَّٰفِعِينَ} [المدثر: 48] ، {مَا
لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} [غافر: 18] .
فالكافرُ ليس له شَفاعةٌ
عِند اللهِ، وإنما الشَّفاعة عِند اللهِ لأهلِ التوحيدِ؛ لأن أهلَ التوحيدِ إذا
حصلَ منهم ذَنْبٌ استحقُّوا العذابَ، فإذا شَفَعَ لهم من ارتضَى اللهُ شفاعتَه
فإنَّ الشَّفاعةَ تنفعُهم عندَ الله، فيَسْلَمُون من العَذاب، فيشفعُ لهم الرسولُ
صلى الله عليه وسلم ، وتَشفع المَلائكة، ويَشفع الأولياءُ والصَّالحون عند اللهِ
للمُؤمنين.
فالشفاعةُ الصَّحيحة
ما تَوفَّر فيها شَرطانِ:
الأوَّل: إذنُ اللهِ للشافعِ
أن يَشفع.
الثاني: أن يكونَ المَشفُوع
فيه مِن أهلِ التوحيدِ، وليسَ من أهلِ الشِّرك.
فأهلُ التوحيدِ يَطلبون مِن
اللهِ جل وعلا أن يُشفِّعَ فيهم نَبيَّه، وأن يُشفِّع فيهم مَلائكته، وأن يُشفِّع
فيهم عِباده الصالحينَ، أما أهلُ الشركِ فيَطلبون الشفاعةَ مِن غَير اللهِ؛
يَطلبونها من القُبور، ومن الأمواتِ، ومن الأشجارِ والأحجارِ والأصنامِ، {وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ} [يونس: 18] ، {مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا
لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ} [الزمر: 3] .
وقوله: «فَإِنَّ مَحَبَّةَ الرَّسُولِ - بَلْ تَقْدِيمُهُ فِي الْحُبِّ عَلَى الأَْنْفُسِ وَالآْبَاءِ وَالأَْبْنَاءِ - لاَ يَتِمُّ الإِْيمَانُ إِلاَّ بِهَا»، فتَأتي مَحبة الرسولِ صلى الله عليه وسلم