ولهذا نَعَتَ اللهُ نبيَّه
مُحمدًا صلى الله عليه وسلم بالعُبودية، وهذهأشرفُ المَقامات، فقالَ جل وعلا : {سُبۡحَٰنَ
ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ} [الإِْسْرَاءِ: 1].
وقالَ تبارك وتعالى : {وَإِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا فَأۡتُواْ بِسُورَةٖ مِّن
مِّثۡلِهِۦ} [البقرة: 23] ،
تحدَّاهم أن يَأتوا بسُورة مِن القُرآن؛ لأنهم كَانوا يَقولون: القُرآن ليسَ مِن
عِند اللهِ، وإنما هو مِن كَلام مُحمَّد، فتحدَّاهم اللهُ وقالَ لهم: إن كانَ مِن
كَلام مُحمَّد، ومُحمَّد بَشَر مِثلكم، فأتوا بسُورةٍ مِن مِثله، فلم يَستطيعوا أن
يَأتوا بمِثل أَقْصَر سُورة في القُرآن، فدَلَّ على أنه كَلامُ اللهِ وليسَ كلامَ
مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم .
وفي مَقام الإسراءِ ما
قالَ:... أَسْرَى بمُحمَّد، أو أَسْرَى برسُوله، بل قالَ: {سُبۡحَٰنَ
ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا} [الإِْسْرَاءِ: 1]؛ لأن العُبوديةَ أشرفُ مَقامٍ.
ولما قامَ النبيُّ صلى الله
عليه وسلم يُصلِّي بمَكَّةَ، استغربَ الكُفَّار ما يَفعلُه، وجَاءوا حولَه
يَستنكِرون عِبادته؛ لأنه يَعملُ شيئًا ما أَلِفُوه، فقالَ اللهُ عز وجل : {وَأَنَّهُۥ
لَمَّا قَامَ عَبۡدُ ٱللَّهِ يَدۡعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيۡهِ لِبَدٗا} [الجن: 19] ،
فوَصَفَه بأشرفِ مَقامٍ وهو العُبودية.
وفي حَديث الشفاعةِ الكُبْرَى يومَ القِيامة: يَأتي الناسُ إلى عِيسى عليه السلام ليَشفع لهم عِند اللهِ أن يَفصِل بينَ العِباد، فيَقول: «اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ: عَبْدٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ»، فنَعَتَه بالعُبودية.