لكِن الأساسَ والأصلَ هي هَذه الثلاثةُ: المَحبة
والخَوف والرَّجاء، وهِي رَكَائزُ العِبادة.
فإذا أحبَّ اللهَ طمعَ في
جَنته ورِضوانه، وأكثرَ من الأعمالِ الصَّالحة، وإذا خافَ مِن عِقاب اللهِ تركَ
المَعاصي والذُّنوب والسيِّئات، وإذا وقعَ في شيءٍ منها تابَ إلى اللهِ عز وجل وهو
يَرجو مَغفرته.
أما من أحبَّ اللهَ وأحبَّ
معه غيرَه فهذا شِركٌ، فالمُشركون يُحبون اللهَ، لكن يُشركون معَه غَيره في
المَحبة، وهذا أعظمُ أنواعِ الشِّرك، ما عَبدوا الأصنامَ إلا لأنهم يُحِبونها،
ولذلكَ يُقاتِلون دُونها، ويَبذلون أموالَهم وأرواحَهم دُونها. وقد عبدَ بنو
إسرائيلَ العِجْلَ لأنهم يُحبونه: {وَأُشۡرِبُواْ فِي
قُلُوبِهِمُ ٱلۡعِجۡلَ بِكُفۡرِهِمۡۚ} [البقرة: 93] ، أُشْرِبُوا: يَعني يُحِبونه حُبًا
شديدًا والعِياذُ باللهِ، وإذا دخلَ الشركُ في العِبادة بَطَلَتْ.
وقوله: «الثَّانِي: مَحَبَّةُ مَا يُحِبُّ اللَّهُ»، إذا أحببتَ اللهَ
فإنك تُحِب ما يُحِبه اللهُ، وتكرهُ ما يكرهُه اللهُ جل وعلا ؛ فتُحِب الطاعةَ
وتكرَهُ المَعصية: {وَلَٰكِنَّ
ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ
إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ} [الحجرات: 7] ،
فأنت تُحِب ما يُحِبه اللهُ وتُبغِض ما يُبغِضه، وكذلك تُحِب مَن يُحِبهم اللهُ
وهم أولياءُ اللهِ من المُؤمنين؛ مِن الأنبياءِ والمُرسلين والصَّالحين
والمَلائكة، تُحِبهم لأن اللهَ يُحِبهم، وإلا فمَن يُبغِض أولياءَ اللهِ فهو
مُبغِضٌ للهِ.
يقولُ ابنُ القَيِّمِ رحمه
الله في «قَصِيدته النُّونِيَّة» ([1]):
شَرْطُ
المَحَبَّةِ أَنْ تُوَافِقَ مَنْ تُحِبُّ |
|
عَلَى
مَحَبَّتِهِ بِلاَ عِصْيَانِ |
فَإِذَا ادَّعَيْتَ
لَهُ المَحَبَّةَ مَعَ خِلاَ |
|
فِكَ مَا
يُحِبُّ فَأَنْتَ ذُو بُهْتَانِ |
([1])ينظر: نونية ابن القيم (ص: 221).