×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وَلِهَذَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ حَقِيقَةَ الشَّهَادَةِ ([1])، وَمُحَالٌ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ تَحَقَّقَ بِحَقِيقَةِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَقَامَ بِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَٱلَّذِينَ هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمۡ قَآئِمُونَ} [الْمَعَارِجِ: 33] .

فَيَكُونُ قَائِمًا بِشَهَادَتِهِ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، فِي قَلْبِهِ وَقَالَبِهِ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ مَيِّتَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ نَائِمَةً، إِذَا نُبِّهَتِ انْتَبَهَتْ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ مُضْطَجِعَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، وَهِيَ فِي الْقَلْبِ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ فِي الْبَدَنِ، فَرُوحٌ مَيِّتَةٌ، وَرُوحٌ مَرِيضَةٌ إِلَى الْمَوْتِ أَقْرَبُ، وَرُوحٌ إِلَى الْحَيَاةِ أَقْرَبُ، وَرُوحٌ صَحِيحَةٌ قَائِمَةٌ بِمَصَالِحِ الْبَدَنِ.

****

الشرح

حرَّم اللهُ على النارِ مَن قالَ: «لا إلهَ إلا اللهُ»، وليسَ هو مُجرَّد القولِ فَقط، وإنما يَبتغي بذلكَ وجهَ اللهِ، بهذا القَيْد.

ولذلكَ في حَديث عتبانَ بن مالكٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه أنه أتَى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، قد أَنْكَرْتُ بَصَري، وأنا أُصَلِّي لقَومِي، فإذا كَانت المَطار سالَ الوادِي الذِي بَيني وبينَهم، ولم أستطِع أن آتيَ مسجدَهم فأُصلِّي بهم، ووددتُ يا رسولَ اللهِ أنك تَأتيني فتُصلِّي في بَيتي، فأتَّخذه مُصَلى، قال: فقالَ له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ».

قال عتبانُ: فغدَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ حِين ارتفعَ النهارُ، فاستأذنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأذنتُ له، فلم يَجْلِس حتى دخلَ البيتَ ثم قالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟».

قال: فأشرتُ له إلى ناحيةٍ من البيتِ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (128)، ومسلم رقم (32).