وقوله: «وَمُحَالٌ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مَنْ
تَحَقَّقَ بِحَقِيقَةِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَقَامَ بِهَا» كما قالَ تَعالى: {وَٱلَّذِينَ
هُم بِشَهَٰدَٰتِهِمۡ قَآئِمُونَ}، أي: شَهدوا أن لا إلهَ إلا اللهُ ويَعملون بها، وفي
الآيةِ الأُخْرَى: {إِلَّا
مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} [الزخرف: 86] ، يعلمونَ مَعناها ويَعملون بها، بهذَا
القَيد.
أما أن يَقُول: «لا إلهَ إلا اللهُ» وهو لا يعلمُ
مَعناها، فهذا لا تُفِيده شيئًا، لا بُد أن يتعلَّم مَعناها وأن يعملَ بها.
وقوله: «فَيَكُونُ قَائِمًا بِشَهَادَتِهِ فِي
ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ» يعني: مُلتزِم بها في جَميع أعمالِه.
وقوله: «فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ تَكُونُ
شَهَادَتُهُ مَيِّتَةً» أي: أنها مُجرَّد لفظٍ يَقولها وهو لا يعلمُ مَعناها،
أو يعلمُ لكنه لا يَعملُ به، ويَدعو غيرَ اللهِ، ويَذبحُ لغيرِ اللهِ، ويَنذر
لغيرِ اللهِ، فهذا يَقولُها كَلمة مَيِّتة ليسَ لها رُوح، فلا تُفيده. وإلا،
فكثيرٌ مِن القُبورِيِّين في وَقتنا الحَاضر يَقولون: «لا إلهَ إلا اللهُ»؛ لأنهم إما لا يعلمُون مَعناها، أو يَعلمون
مَعناها ولكِنهم لا يَعملُون به.
أما المُشرِكون الأَوَّلون
فقد عَلمُوا مَعناها وأَبَوْا أن يَقولُوها؛ لأنهم يَخْشَوْن من التناقُض، ولهذا
يقولُ الشيخُ مُحمَّد بنُ عبدِ الوهَّاب رحمه الله : «لا خيرَ في رجلٍ جُهَّال الكُفار أعلمُ منه بمَعنى لا إلهَ إلا اللهُ»
([1]).
فمن الناسِ من يَقولها كلمةً ميتةً ليس فيها فائدةٌ، ولا يستطيعُ أن يتحوَّل عمَّا هو عليه، مِثل ما عليه عُبَّاد القُبور، مُتمسِّكون بما هُم عليه، ويَقولون: هذا هو الإسلامُ وهذا هو الدِّين. والذِين يَقولون: «لاَ إلهَ إلا اللهُ» ويَدعُون إلى التوحيدِ يُسَمُّونهم خوارجَ!
([1])ينظر: كشف الشبهات (ص: 9).