×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وأهمُّ شيءٍ عِندهم بناءُ الأضرحةِ، كُلما ماتَ لهم ميِّت من أهلِ العِلم أو مِن السَّلاطين بادرُوا بالبِناء على قَبره، والذِي لا يُبنَى على قَبره ليسَ له قيمةٌ عندَهم، ويَقولون: مِن حقِّه علينا أن نَبْنِي على قبرِه المَشاهد والمَساجد، وهم جَادُّون في هذا العَمَل، ومُتمَسِّكون به، ولا يُريدون أن يتحوَّلوا عمَّا هم عليه، بل إنهم يُجاهدون دُونَه، ويَبذلُون دِماءهم وأموالَهم مِثل إخوانِهم مِن المُشركين.

فالأمرُ خطيرٌ جدًّا، وأشدُّ البلاءِ الذِي يَأتي مِن الذينَ يَنتسِبون إلى الإسلامِ ولا يُحَقِّقونه، فهم أخطرُ على المُسلمين من الكُفار؛ لأن الكُفار مَعروفون وظاهرٌ للمُسلمين عَداؤهم، لكن هَؤلاء يَعيشُون بينَ المُسلمين، ويدَّعون الإسلامَ، ويَخدعُون الناسَ بأن ما هُم عليه هو الدِّين الصَّحيح.

وقوله: «وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ نَائِمَةً، إِذَا نُبِّهَتِ انْتَبَهَتْ» وهذا أقربُ إلى الحقِّ إذا نُبِّه يتنبهُ، فرقٌ بينَ النائمِ والميتِ، فالميِّت ليسَ فيه رَجاءٌ، لكن النائمَ يُمكِن يَستيقظ، ولذلكَ الذِي إذا دُعِي إلى الحقِّ قبلَه هذا كالنائمِ إذا نَبَّهته تنبَّهَ.

وقوله: «وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ مُضْطَجِعَةً»، يَعني: عِنده كسلٌ، «وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ» يعني: قَريب إلى الحقِّ.

فالناسُ ليسُوا على حَدٍّ سواءٍ، فمِنهم المُخطِئون، ومنهم المُخالِفون، ومنهم مَن ليسَ فيه رجاءٌ، ومِنهم إذا نُبِّه إلى الحقِّ تنبَّه، ومِنهم من ينشطُ ويُلَبِّي دعوةَ الحقِّ فورَ دعوتِه، فهؤلاءِ الذينَ يُدعَوْنَ ويُطمَع في هِدايتهم. أما أولئكَ الذينَ ماتتْ قُلوبهم فهم يَحتاجون إلى جهادٍ بالسيفِ.


الشرح