×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فكما أن البَدَن لا يَمشِي إلا بالرُّوح، كذلكَ القلبُ لا يَمشِي إلا بـ «لا إلهَ إلا اللهُ».

وفي الحديث: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ» ([1])، يَعني: إذا قالَها بإيمانٍ ويقينٍ وماتَ عليها دخلَ الجنةَ، أما مَن يَقولُها مُجرَّد لفظٍ فقط وهو مُقِيم على الشِّرك، فإنها لا تَنفعُه.

وقَوله تَعالى: {وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ} [النَّازِعَاتِ: 40] أي: خافَ مِن اللهِ { وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ} أي: منعَ نفسَه أن تَتَّبع هَواها وتَتعاطى الكُفر والشركَ والمَعاصي والشهواتِ، وهذا ليسَ سهلاً أن يمنعَ العبدُ نفسَه من هذه الأمورِ، فهِي تَحتاج إلى صَبر، وتَحتاج إلى إيمانٍ، وتَحتاج إلى علمٍ، فمَن تحقَّق فيه هَذا { فَإِنَّ ٱلۡجَنَّةَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ} أي: مَأواه في الآخِرة إن شاءَ اللهُ.

أما مَن أتبعَ نفسَه هَواها، وطغَى وتكبَّر، وتَساهل في الكُفر والشركِ والمَعاصي { وَءَاثَرَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ٣٨فَإِنَّ ٱلۡجَحِيمَ هِيَ ٱلۡمَأۡوَىٰ ٣٩} [النازعات: 38، 39] ، يَعني: مَأواه يومَ القِيامة، وبِئْست المَأوى.

وقَوله: «فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ هَاهُنَا، كَانَتْ جَنَّةُ الْخُلْدِ مَأْوَاهُ يَوْمَ الْمِيعَادِ»، هو في جَنةٍ في الدنيَا والآخِرة؛ جَنة في الدنيَا لأنه مُطمئِن مُرتاح مُتَّجه إلى اللهِ عز وجل ، ويتلذَّذ بالعَادة، كما قالَ تَعالى: { مَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَلَنُحۡيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةٗ طَيِّبَةٗۖ } [النحل: 97] ، فهو يعيشُ في هَذه الدنيَا في حياةٍ طيبةٍ.

ولهذا يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه الله : «إن للهِ جَنة في الدنيَا مَن لَم يَدخلها لم يدخُل جَنة الآخِرة».


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3116)، وأحمد رقم (22034)، والطبراني في الكبير رقم (221).