فجَنة الدنيَا هي ذِكْر
اللهِ وعِبادته والأُنْس باللهِ عز وجل ، وبعدَها جَنة الآخِرة، فالذِي حُرِم الجَنة
في الدنيَا ولم يَذُقْ مَحبة اللهِ وطَاعته وعِبادته والذِّكْر والاتِّصال باللهِ
والأُنْس بذِكْره في هَذه الدنيَا، فإنه يُحرَم مِن جَنة الآخرةِ.
وقَوله: «وَالأَْبْرَارُ فِي النَّعِيمِ وَإِنِ
اشْتَدَّ بِهِمُ الْعَيْشَ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا»، وإن اشتدَّت
عَليهم الحَاجة في الدنيَا والفَقْر إلا أنَّهم في قُلوبهم في نعيمٍ وفي راحةٍ،
والراحةُ هي رَاحة القلبِ وليستْ راحةَ البَدَن، «وَالْفُجَّارُ فِي جَحِيمٍ وَإِنِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا»
فرُبما يَعيش الإنسانُ في قُصور وعَلى فُرش من الدِّيباج والحَرير، وعِنده مِن
كُنوز الدنيَا الكَثير، لكِن قَلبه قَلِق وخَائف ووَجِل ومُضطرِب؛ لأنه ليسَ فيه
إيمانٌ وليسَ فيه نُورٌ.
فهو لا يَنتفعُ بهذه المَظاهر والأموالِ والمَآكل والمَشارب؛ لخُلُوِّ قَلبه مِن إيمانٍ، أما المُؤمن فهو في رَاحة وإن لم يكُن عِنده شيءٌ؛ لأن العِبرة برَاحة القَلب وليستْ برَاحة البَدَن.