قَالَ تَعَالَى: { فَمَن
يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهۡدِيَهُۥ يَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ وَمَن يُرِدۡ
أَن يُضِلَّهُۥ يَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا} [الأَْنْعَامِ: 125] . فَأَيُّ نَعِيمٍ أَطْيَبُ مِنْ
شَرْحِ الصَّدْرِ؟ وَأَيُّ عَذَابٍ أَمَرُّ مِنْ ضِيقِ الصَّدْرِ؟
وَقَالَ تَعَالَى: { أَلَآ إِنَّ
أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا
وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ
٦٤} [يُونُسَ: 62- 64]
.
فَالْمُؤْمِنُ الْمُخْلِصُ
لِلَّهِ مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ عَيْشًا، وَأَنْعَمِهِمْ بَالاً، وَأَشْرَحِهِمْ
صَدْرًا، وَأَسَرِّهِمْ قَلْبًا، وَهَذِهِ جَنَّةٌ عَاجِلَةٌ قَبْلَ الْجَنَّةِ
الآْجِلَةِ.
****
الشرح
قَوله تَعالى: { يَشۡرَحۡ
صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَٰمِۖ} [الأنعام: 125] ، أي: يُوسِّع صَدره، ويَذهب عنه
الهُموم والقَلَق والوَساوِس، ويَطمئن للإيمانِ.
والطَّرف الثانِي: {وَمَن
يُرِدۡ أَن يُضِلَّهُۥ} [الأنعام: 125] ؛ لأن الهدايةَ لها أسبابٌ، والضلاَلة
لها أسبابٌ {يَجۡعَلۡ
صَدۡرَهُۥ ضَيِّقًا حَرَجٗا} [الأنعام: 125] ، فتَجِد العُصاة - وإن نَالوا شَهواتهم
في هَذه الدُّنيا - على وجُوهِهم ظُلمَة، وتَجدهم مُستوحِشين يَنفرون من الناسِ،
وعَليهم عَلامات القَلق والاضطرابِ وعَدم الرَّاحة، فَهُمْ في عذابٍ في قُلوبهم
وإن كَان ظاهرُهم أنهم في نِعمة.
ولذلكَ تَجِد العَاصي والكَافر أشدّ شيءٍ عليه أن يُقال له: يا فلانُ اتقِ اللهَ، كما قالَ تَعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ} [البقرة: 206] ، أشدُّ شيءٍ عَليه الدعوةُ إلى اللهِ، والأمرُ بالمَعروف، والنهيُ عن المُنكَر؛ لأن صَدره ضيِّق لا يَتحمَّل شيئًا.