وقَوله: {أَلَآ} [يونس: 62] كَلمة
تنبيهٍ واستفتاحٍ {إِنَّ أَوۡلِيَآءَ
ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ}، لا يَخافون مِن المُستقبل، ولا يَحزنون على المَاضي؛
لأنهم في أمانٍ وراحةٍ وطُمأنينة، لكِن ما صِفَتهم؟
قالَ: {ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [يونس: 63] ، فليسَ كُل مَن ادَّعى الولايةَ للهِ أو
قِيل عنه: إنه وَلِي للهِ، يكونُ وَلِيًّا، بل أكثرُ مَن يُقال عنهم الآنَ: إنهم
أولياءُ اللهِ، هم أولياءُ للشيطانِ من الكُفار والمُشركين والمَلاَحِدة
والزَّنادِقة، فوَلِيُّ اللهِ مَن اتَّصف بهَاتين الصِّفتين: الإيمانِ، وتُقى
اللهِ.
ثم بَيَّنَ جَزاءَهم: {لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ
فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ} [يونس: 64] هذا هو مَحَلّ الشاهدِ، فهم في الحَياة
الدنيَا يَستبشرُون ويَطمئنُّون ويَرتاحون ويَتلذَّذُون بذِكْر اللهِ وبعِبادته
سبحانه وتعالى ، فهم في جَنةٍ كما سبقَ، وفي الآخرةِ: الجَنة، {لَا تَبۡدِيلَ
لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} [يونس: 63] .
وقوله: «فَالْمُؤْمِنُ الْمُخْلِصُ لِلَّهِ مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ عَيْشًا»، ولهذا يَظهر أثرُ الطاعةِ والراحَة على وُجوهِهم، وعلى تصرُّفاتهم، وعلى سُلوكهم، فهُناك فرقٌ بينَ أهلِ الطاعةِ وأهلِ المَعصية في السُّلوك والأخلاقِ، حتى في اللَّون والمَنظر، فتَجِد المُؤمن مُستبشرًا على وَجْهِه النُّور والرَّاحة، وتَجِد العُصاة على وجُوههم ظُلمة وانقباضٌ ووَحشة مِن الناسِ.