×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

مَن يُحِبه اللهُ فإنهم يُحِبونه تَبَعًا لمَحبة اللهِ، ويُبغِضون مَن يُبغضه اللهُ ولو كانَ أقربَ الناسِ إليهم نَسَبًا {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٢٣ قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ٢٤} يعني: انتظروا {حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} [التوبة: 23، 24] .

فليسَ المَدارُ على رَغبة النفسِ، وإنما المَدارُ على ما يُحِبه اللهُ ورسولُه، وإن كانتْ نفسُك تَنفِر منه في أوَّل الأمرِ فإنك تَرتاح معه في المُستقبل، أما إذا كانتْ نفسُك تَطمئن لشيءٍ وهو مِن سَخط اللهِ، فإن نفسَك تتعبُ معه في المُستقبل.

وإبراهيمُ عليه السلام تَبرَّأ مِن أَبيه وهو أقربُ الناسِ إليه، بعدَ أن بذلَ الجُهد في نُصحه: {يَٰٓأَبَتِ إِنِّي قَدۡ جَآءَنِي مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ يَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِيٓ أَهۡدِكَ صِرَٰطٗا سَوِيّٗا ٤٣يَٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا ٤٤يَٰٓأَبَتِ إِنِّيٓ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيۡطَٰنِ وَلِيّٗا ٤٥ } [مريم: 43- 45] .

كانَ فيه عَطفٌ عليه في الأوَّل ويُريد له النَّجاة، فلمَّا رَأى أنه لا يَقبلُ عَاداه وتَبرَّأ مِنه: {وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ} [التوبة: 114] .

فبَقِيَتْ هذه الخصلةُ العظيمةُ في عَقبِ إبراهيمَ عليه السلام ، فلا يَزالُ مِن ذُرِّيَّته مَن يَعبدُ اللهَ وحدَه لا شريكَ له، ويُحِب أولياءَ اللهِ، ويُبغِض أعداءَ اللهِ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ} [الزخرف: 28] ، فيهم الأنبياءُ، وفيهم الصَّالحون، لا يزالونَ على مِيراث أَبيهم إبراهيمَ عليه السلام .


الشرح