وهذه الكلمةُ هي: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»، وما
يَتْبَعُها من الوَلاء والبَراء، والمَحبة والبُغض، والفِعل والتَّرك، وليستْ
مُجرَّد كلمةٍ تُقال باللسانِ فَقط، بل المَقصودُ تَحقيقُ هذه الكلمةِ، ومَعرفةُ
مَعناها، والعملُ بمُقتضَاها ظاهرًا وباطنًا.
أما مُجرَّد التلفُّظ بها
فهذا لا يَكفِي، قد يَكفِي في الدنيَا بأن يَحقِن دمَ قائلِها مِثل المُنافقين،
لكِن لا تنفعُه في الآخرةِ إلا إذا استقامَ عليها وحَقَّقها، وأتَى بشُروطها
وأَركانها.
فهي كلمةٌ عظيمةٌ وقليلةُ
اللفظِ، لكِن الشَّأن في تَحقيقها، والعَمَل بها، ومَن قَالها مِن قَلبه مُخلِصًا
للهِ وماتَ عليها دخلَ الجنةَ، أما مُجرَّد قَولها باللسانِ دُون التفكُّر في
مَعناها أو العَمَل بمُقتضاها فلا تَنفعُ، قد يدخلُ قائلُها بها في عِصمة المَال
والدَّم في الدنيَا مِثل المُنافقين، لكِنه في الآخرةِ لا يكُون له حَظٌّ ولا
نَصيبٌ، إنما يَسعدُ بها في الدنيَا وفي الآخرةِ مَن قالَها حَقًّا وعملَ
بمُقتضَاها.
فهي كلمةٌ عظيمةٌ، لكن
تَحتاجُ إلى فِقهٍ وتأمُّلٍ، وتَحتاج إلى دِراسة وعَمل، وليستْ مُجرَّد لَفظٍ
يُقال باللسانِ فقط، ثم يَدعو قائلُها غيرَ اللهِ، فيقولُ: يا عَليُّ، يا
حُسَيْنُ، يا عبدَ القادرِ؛ يَدعو الأمواتَ ويستغيثُ بهم! فلن تنفعَه إن لم يَعملْ
بها. وكذلكَ فِعل المَعاصي يُنقِص هذه الكلمةَ، وقد لا يبقَى منها إلا اليَسير، أو
يَذهب بثَوابه كُله إذا كانتْ سيِّئاته راجحةً.
فهي كلمةٌ عَظيمة تَحتاج إلى فقهٍ في مَعناها، وعملٍ بمُقتضاها، والتزامٍ لما تدلُّ عليه وتَدعو إليه، ولذلكَ قامتْ بها السمواتُ والأرضُ؛ لأنها كلمةُ حقٍّ وعدلٍ، وهي العُرْوَة الوُثْقَى لا انفصامَ لها، وهي كَلمةُ التَّقوى.