فيجبُ على العِباد أن
يَحذروا مِن هَؤلاء، وأن يتَّجهوا إلى داعِي اللهِ سبحانه وتعالى ، فاللهُ يَدعو
عِباده إلى الجَنَّة ليَغفِر لهم، والشياطِين من الجِنِّ والإنسِ تَدعُوهم إلى
عَذاب اللهِ وإلى السعيرِ: {إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ
عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ
أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} [فاطر: 6] ، هذا قَصدُه: أن يُدخِل بَني آدمَ النارَ.
ومن العَجَب أن كثيرًا مِن
بَني آدمَ يَتْرُكون طاعةَ رَبِّهم الذِي يُريد لهم الخيرَ، ويُريد لهم الجَنَّة،
ويُريد لهم المَغفرة، ويُريد لهم الرِّزق، ويُطيعون عَدوهم الذي يُريد لهم
الضَّرَر، ويُريد لهم العَذاب، ويُريد لهم النارَ، ويُريد لهم الفَساد: { ۞أَلَمۡ أَعۡهَدۡ
إِلَيۡكُمۡ يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ
عَدُوّٞ مُّبِينٞ ٦٠وَأَنِ ٱعۡبُدُونِيۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ ٦١ } [يس: 60، 61] .
لكِن عُقولهم تَعمَى
وتَنتكِس، وتَزِيغ وتَضِلُّ، فتَتَّجه إلى هذا الاتِّجاه الخَبيث الضارِّ وهي لا
تَشعُر، بل يُزيَّن لها أنه خيرٌ: {زُيِّنَ لَهُمۡ سُوٓءُ
أَعۡمَٰلِهِمۡۗ} [التوبة: 37] ،
زيَّن لهم ولبَّس عَليهم.
فالناسُ يحتاجونَ إلى بَيانٍ
ويَحتاجون إلى دَعوةٍ، ويحتاجونَ إلى تَعليمٍ، ويَحتاجون إلى أمرٍ بالمَعروف ونهيٍ
عن المُنكر، وإلا فإن الشيطانَ وجُنوده مِن الإنسِ والجنِّ يَستَوْلُون عليهم، فلا
بُدَّ من الجِهاد باللِّسان، والجِهاد بالقَلَم، والجِهاد بالسيفِ، لا بُدَّ مِن
أنواعِ الجِهاد كُلها.
وقد أمرَ اللهُ بإفرادِه وحدَه بالعِبادة، فقالَ سبحانه وتعالى : {وَقَضَىٰ رَبُّكَ} يعنِي: أمرَ {أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ ُ} [الإسراء: 23] ، وقالَ جل وعلا : {وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ} [التوبة: 31] ، وقالَ عز وجل : {وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ} [البينة: 5] ، هذا هُو الأمرُ الذِي أمرَ به العِباد،