إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَا
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حَرَكَاتِ الأَْفْلاَكِ
وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ
وَالنَّبَاتِ وَحَرَكَاتِ الأَْجِنَّةِ فِيبُطُونِ أُمَّهَاتِهَا، فَإِنَّمَا هِيَ
بِوَاسِطَةِ الْمَلاَئِكَةِ وَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا وَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا،
كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ فِي نُصُوصٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي غَيْرِ
مَوْضِعٍ.
وَالإِْيمَانُ بِذَلِكَ مِنْ
تَمَامِ الإِْيمَانِ بِالْمَلاَئِكَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ
مَلاَئِكَةً، وَبِالْقَطْرِ مَلاَئِكَةً، وَبِالنَّبَاتِ مَلاَئِكَةً،
وَبِالرِّيَاحِ مَلاَئِكَةً، وَبِالأَْفْلاَكِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ
وَالنُّجُومِ.
وَوَكَّلَ بِكُلِّ عَبْدٍ
أَرْبَعَةً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، كَاتِبَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ،
وَحَافِظَيْنِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَوَكَّلَ مَلاَئِكَةً
بِقَبْضِ رُوحِهِ وَتَجْهِيزِهَا إِلَى مُسْتَقَرِّهَا فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،
وَمَلاَئِكَةً بِمُسَاءَلَتِهِ وَامْتِحَانِهِ فِي قَبْرِهِ، وَمَلاَئِكَةً
بِتَعْذِيبِهِ فِي النَّارِ أَوْ نَعِيمِهِ فِي الْجَنَّةِ.
وَوَكَّلَ بِالْجِبَالِ
مَلاَئِكَةً، وَبِالسَّحَابِ مَلاَئِكَةً تَسُوقُهُ حَيْثُ أُمِرَتْ بِهِ،
وَبِالْقَطْرِ مَلاَئِكَةً تَنْزِلُ بِأَمْرِ اللَّهِ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ كَمَا شَاءَ
اللَّهُ، وَوَكَّلَ مَلاَئِكَةً بِغَرْسِ الْجَنَّةِ وَعَمَلِ آلَتِهَا
وَفُرُشِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا، وَمَلاَئِكَةً بِالنَّارِ كَذَلِكَ.
فَأَعْظَمُ جُنْدِ اللَّهِ
الْمَلاَئِكَةُ، وَلَفْظُ الْمَلَكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مُنَفِّذُ
غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الأَْمْرِ شَيْءٌ، بَلِ الأَْمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ،
وَهُمْ يُدَبِّرُونَ الأَْمْرَ وَيُقَسِّمُونَهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِذْنِهِ.
قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمۡرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا} [مَرْيَمَ: 64] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ} [النَّجْمِ: 26] .