فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَاضٍ
فِي عَبْدِهِ حُكْمُهُ، عَدْلٌ فِيهِ قَضَاؤُهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ،
وَلاَ يَخْرُجُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي عِبَادِهِ عَنِ الْعَدْلِ وَالْفَضْلِ، إِنْ
أَعْطَى وَأَكْرَمَ وَهَدَى وَوَفَّقَ فَبِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَإِنْ مَنَعَ
وَأَهَانَ وَأَضَلَّ وَخَذَلَ وَأَشْقَى فَبِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَهُوَ عَلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فِي هَذَا وَهَذَا.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:
«مَا أَصَابَ عَبْدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي
عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ
حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ
لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ
عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرَتْ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ
عِنْدَكَ: أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي،
وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ
وَغَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا» ([1]).
وَهَذَا يَتَنَاوَلُ حُكْمَ
الرَّبِّ الْكَوْنِيَّ وَالأَْمْرِيَّ وَقَضَاءَهُ الَّذِي يَكُونُ بِاخْتِيَارِ
الْعَبْدِ وَغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَكِلاَ الْحُكْمَيْنِ مَاضٍ فِي عَبْدِهِ، وَكِلاَ
الْقَضَاءَيْنِ عَدْلٌ فِيهِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَقٌّ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ،
بَيْنَهُمَا أَقْرَبُ نَسَبٍ.
****
الشرح
قَوْم هُودٍ عليه السلام احتجُّوا عليه بأن كُلَّ رسولٍ لا بُدَّ له مِن مُعجزةٍ وبَيِّنة، وقالُوا: {قَالُواْ يَٰهُودُ مَا جِئۡتَنَا بِبَيِّنَةٖ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِيٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ ٥٣إِن نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ قَالَ إِنِّيٓ أُشۡهِدُ ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوٓاْ أَنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ٥٤} [هُودٍ: 53- 54] ، زعمُوا أنه ليسَ معه بَيِّنة على رِسَالته، وهَدَّدُوه بآلهتِهم.
([1])أخرجه: أحمد رقم (3712)، وأبو يعلى رقم (5297)، وابن حبان رقم (972).