فَعَيْشُ الْعَاشِقِ عَيْشُ
الأَْسِيرِ الْمُوثَقِ، وَعَيْشُ الْخَلِيِّ عَيْشُ الْمُسَيَّبِ الْمُطْلَقِ كما
قيل:
طَلِيقٌ بِرَأْيِ الْعَيْنِ وَهْوَ
أَسِيرُ |
|
عَلِيلٌ عَلَى قُطْبِ الْهَلاَكِ
يَدُورُ |
وَمَيِّتٌ يُرَى فِي صُورَةِ
الْحَيِّ غَادِيَا |
|
وَلَيْسَ لَهُ حَتَّى النُّشُورِ
نُشُورُ |
أَخُو غَمَرَاتٍ ضَاعَ فِيهِنَّ
قَلْبُهُ |
|
فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى الْمَمَاتِ
حُضُورُ |
الرَّابِعُ: أَنَّهُ
يَشْتَغِلُ بِهِ عَنْ مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَضَيْعُ
لِمَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مِنْ عِشْقِ الصُّوَرِ.
أَمَّا مَصَالِحُ الدِّينِ
فَإِنَّهَا مَنُوطَةٌ بِلَمِّ شَعَثِ الْقَلْبِ وَإِقْبَالِهِ عَلَى اللَّهِ،
وَعِشْقُ الصُّوَرِ أَعْظَمُ شَيْءٍ تَشْعِيثًا وَتَشْتِيتًا لَهُ.
وَأَمَّا مَصَالِحُ
الدُّنْيَا فَهِيَ تَابِعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَصَالِحِ الدِّينِ، فَمَنِ
انْفَرَطَتْ عَلَيْهِ مَصَالِحُ دِينِهِ وَضَاعَتْ عَلَيْهِ، فَمَصَالِحُ
دُنْيَاهُ أَضْيَعُ وَأَضْيَعُ.
الْخَامِسُ: أَنَّ آفَاتِ
الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ أَسْرَعُ إِلَى عُشَّاقِ الصُّوَرِ مِنَ النَّارِ فِي
يَابِسِ الْحَطَبِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ: أَنَّ
الْقَلْبَ كُلَّمَا قَرُبَ مِنَ الْعِشْقِ وَقَوِيَ اتِّصَالُهُ بِهِ بَعُدَ مِنَ
اللَّهِ، فَأَبْعَدُ
الْقُلُوبِ مِنَ اللَّهِ
قُلُوبُ عُشَّاقِ الصُّوَرِ، وَإِذَا بَعُدَ الْقَلْبُ مِنَ اللَّهِ طَرَقَتْهُ
الآْفَاتُ، وَتَوَلاَّهُ الشَّيْطَانُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَاسْتَوْلَى
عَلَيْهِ لَمْ يَدَعْ أَذًى يُمْكِنُهُ إِيصَالُهُ إِلَيْهِ إِلاَّ أَوْصَلَهُ،
فَمَا الظَّنُّ بِقَلْبٍ تَمَكَّنَ مِنْهُ عَدُّوهُ وَأَحْرَصُ الْخَلْقِ عَلَى
غَيِّهِ وَفَسَادِهِ، وَبَعُدَ مِنْهُ وَلِيُّهُ، وَمَنْ لاَ سَعَادَةَ لَهُ وَلاَ
فَرَحَ وَلاَ سُرُورَ إِلاَّ بِقُرْبِهِ وَوِلاَيَتِهِ؟
السَّادِسُ: أَنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ الْقَلْبِ وَاسْتَحْكَمَ وَقَوِيَ سُلْطَانُهُ، أَفْسَدَ الذِّهْنَ، وَأَحْدَثَ الْوَسْوَاسَ، وَرُبَّمَا أَلْحَقَ صَاحِبَهُ بِالْمَجَانِينِ الَّذِينَ فَسَدَتْ