×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَالْعِشْقُ مَبَادِيهِ سَهْلَةٌ حُلْوَةٌ، وَأَوْسَطُهُ هَمٌّ وَشُغْلُ قَلْبٍ وَسَقَمٌ، وَآخِرُهُ عَطَبٌ وَقَتْلٌ، إِنْ لَمْ تَتَدَارَكْهُ عِنَايَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قِيلَ ([1]) :

وَعِشْ خَالِيًا فَالْحُبُّ أَوَّلُهُ عَنَا

 

وَأَوْسَطُهُ سَقَمٌ وَآخِرُهُ قَتْلُ

وَقَالَ آخَرُ ([2]) :

تَوَلَّعَ بِالْعِشْقِ حَتَّى عَشِقْ

 

فَلَمَّا اسْتَقَلَّ بِهِ لَمْ يُطِقْ

رَأَى لُجَّةً ظَنَّهَا مَوْجَةً

 

فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهَا غَرِقْ

وَالذَّنْبُ لَهُ، فَهُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدْ قَعَدَ تَحْتَ الْمَثَلِ السَّائِرِ: «يَدَاكَ أَوْكَتَا، وَفُوكَ نَفَخَ» ([3]).

****

الشرح

يَجبُ على الإِنْسَان إذَا عُرِض له فِتنَة ولَذَّة وشَهوَة حَاضِرة أنْ يُفكِّرَ في العَواقِب: مَاذا يَجيء بعدَها؟ يَجيء بعدَها عَذاب، يَجيء بعدَها نَار، يَجيء بعدَها ذِلَّة ومَهانَة...، فإِذا نَظرَ في العَواقِب ولمْ يَنظرْ للذَّة الحَاضرة تَرَك الفَواحِش.

وسَببُ العِشقِ الذي هذه آفاتُه: النَّظر إلى ما حرَّم اللهُ، فلَو أنَّ الإِنْسَان غضَّ بصرَه لسَلِم مِن هذا العِشقِ الذي يُؤدِّي بِه إلى هذه المَهالِك، ولذلك قال اللهُ سبحانه وتعالى : {قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} [النور: 30] ، فغَضُّ البَصرِ أزْكى للإِنْسَان وأَطهر لقَلبِه، أمَّا إِذا أَطلَق نظَرَه إلى ما حرَّم اللهُ فإنَّ النَّظرَ ينقِلُ الصُّورةَ إلى قلبِه، فلا تَزالُ صُورةُ المَعشُوق في قلبِه حتَّى يُؤدِّي به ذلك إلى ما لا تُحمَد عُقبَاه.


الشرح

([1])ينسب البيت لابن الفارض. ينظر: ديوانه (ص: 134).

([2])ينسب البيتان لمحمد بن تحرير البغدادي. ذكرهما ابن الجوزي في ذم الهوى (ص: 586).

([3])ينظر: جمهرة الأمثال (2/243)، ومجمع الأمثال (2/320).