×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وخَلطَهم مِن مَحارِمه، ولا يَخفَى ما في ذلك مِن مَفاسِد كَثيرَة - والعياذ بالله - .

ولا شكَّ أنَّ الزِّنا بَذاتِ زَوجٍ أشدُّ مِن الزِّنا بغيرِ ذاتِ زَوجٍ، وإنْ كان الزِّنا كلُّه فَاحشَة ومقتًا وشرًّا، لكنَّ بعضَه أشدُ مِن بعض، كما أنَّ الزِّنا بالمِحارِم أشَد، كمَن يَزنِي بابنتِه أو أختِه أو امرأَة مِن محارِمه.

كذلك فإنِّ الزِّنا مِن كبيرِ السِّن أشدُّ مِن الزِّنا مِن الشَّاب؛ لأنَّ الشَّاب قد تَغلبُه الشَّهوة، لكنَّ كبيرَ السِّن ليس فيه شَهْوة قَويَّة، ولكنَّ وقُوعَه في الزِّنا دليلٌ على أنَّه خَبيثٌ حيث لا يُوجدُ دَافعٌ قَويٌّ يدفعُه لذلك، ولذَلك قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْوَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ»، وفي رواية: «أُشَيْمِطٌ زَانٍ» ([1])، والأُشَيمِط: هو الذي بَدا فيه الشِّيب، وهذا يَكونُ دافعُ الشَّهوَة فيه ضَعيفًا، وكَونُه يَزنِي وهذا حاله دَليلٌ على شِدَّة خُبثِه.

والعَائلُ المُستكبِر: هو الفَقير الذي يَستكبِر، فمَا الذي يَدفعُه أنْ يَسكتبرَ وهو ليس عندَه مَال؟! فالغَني يُمكنُ أنْ يُطغِيه المَال ويُصيبَه بالغُرورِ والتَّكبُّر، لكنَّ هذا ليسَ عندَه مَال، وليس عندَه سببٌ في كونِه يَتكبرُ، إلا أنَّ طَبيعتَه خَبيثَة.

وقولُه: «فظَلَم الزَّوجَ بإفسَاد حَبيبتِه والجِنايَة عَلى فِراشِه أَعظَم مِن ظُلمِه بأَخذِ مالِه كلِّه»: يعني: لو كَان عنْده مَلايين كَثيرَة فَأُخذِت كلُّهاأَسهلُ عليْه من أنْ يَأتيَ أحدٌ فيَزنِي بزوجتِه؛ لأنَّ مُصيبَة المَال أخفُّ مِن مُصيبَة العِرضِ، فالمَال يَذهبُ ويَأْتي، ولا أَحد يُذمُّ لأنَّه فقيرٌ ليس


الشرح

([1])أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (1111).