عندَه مَال، لكنَّ مُصيبة العِرضِ التي لا
تَنمَحِي أبدًا، وإذا فَسدَ العِرضُ لا يَرجِع، فالمَصيبَةُ عَظيمَةٌ في هذه
الأُمور، وإنْ كان كثيرٌ مِن النَّاسِ يتَساهَل فيها، لكنَّها خَطيرَة وعَظيمَة.
وإذا كانَ الزِّنا بامْرأَة
غَائبٍ مُسافِر فهذا أَشدُّ، لاسيما إنْ كانَ سَفرُه للعبَادَة، كالسَّفرِ للجَهاد
والغَزْو، ثم يأتي خَبيثٌ ويُخرِّب زوجتَه، فهذا أَشدُّ أنواعَ الزِّناأنْ يَزنِي
بامرَأة مَن يَغزُو في سبيل اللهِ عز وجل .
وقولُه: «فإنْ كَان ذلك حقًّا لغَازٍ في سبيلِ اللهِ
وَقف له الجَاني الفَاعلُ يومَ القِيامَة، وقيل له: خُذْ مِن حسَناتِه مَا شِئتَ»،
ولو أَخذَها كلَّها ما يُمنعُ، ولا يَبقَى له إلا النَّار.
وقولُه: «فإنِ انضَافَ إلى ذلك أنْ يَكونَ المَظلُومُ
جارًا»؛ لأنَّ الجَار ائتمَنه ووثِقَ به، فإَذا خَانَه فهذا أشدُّ، ولهذا
لمَّا سُئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : أيُّ الذَّنبِ أعظَم؟ قال: «أَنْ تَجْعَلَ للهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»،
يَعني الشِّرك، قيل: ثمَّ أيّ؟ قال: «أَنْ
تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، كمَا كانوا في الجَاهلية
يَقتلُون أوْلادَهم خَشيَة الفَقرِ، القَتلُ مِن حَيثُ هو جَريمَة، لكنَّ قتلَ
القَريبِ والوَلدِ أَشدُّ، قيل: ثمَّ أي؟ قال: «أ َنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» ([1]). وقال صلى
الله عليه وسلم : «وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ،
وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ»، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارَهُ بَوَائِقَهُ»
([2]).
فالزِّنا بزوجَةِ الجَار أشدُّ مِن الزِّنا بغيرِها؛ لأنَّه ائتمنَه وجَاورَه واطْمأنَّ إليْه، وله حقٌّ أوصَى الله عز وجل بِه، فيَأتي جَارُه ويَخونُه في زَوجتِه،
([1])أخرجه: البخاري رقم (4761).